لا يجوز للمجتهد أن يقول في الحادثة الواحدة قولين متضادين كالتحريم والتحليل في وقت واحد؛ لأنه بعد استقراء وتتبع ما روي عن الصحابة من الفروع الفقهية الكثيرة: لم يرو عن واحد منهم أنه قال في مسألة واحدة قولين متضادين في وقت واحد، وهذا يدل على عدم الجواز.
* * *
المسألة الثانية عشرة:
المجتهد الذي لم يجتهد في مسألة، ولكن العلوم كلها حاصلة عنده، وعنده القدرة على الاجتهاد: فإنه لا يجوز أن يقلِّد غيره من المجتهدين مطلقاً، أي: سواء مع ضيق الوقت أو سعته، وسواء فيما يخصه، أو فيما يخص غيره ويفتي به، وسواء كان المجتهد الآخر مثله في العلم، أو أقوى منه؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد سوَّغوا الخلاف لصغار الصحابة كابن عباس وابن عمر، وابن الزبير، وزيد، وعائشة، وغيرهم من أحداث الصحابة، حيث كانوا يخالفون كبار الصحابة كأبي بكر وعمر وعلي وعثمان.
ولقوله تعالى:(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)؛ حيث إن المجتهد من أولي الأبصار الذين أمرهم الله تعالى بالاعتبار والاجتهاد، فلو جاز له تقليد غيره لكان تاركاً ما وجب عليه، وترك الواجب حرام. فكان تقليده لمجتهد آخر حراماً.