إذا ثبت تعارض دليلين فإنا نقدم الجمع بينهما بأي طريق، فإن تعذر الجمع بينهما، فإنا نرجح أحدهما على الآخر بأي وجه من وجوه الترجيح، فإن تعذر كل ما سبق، فإنا نحكم بسقوط الدليلين المتعارضين ونستدل على حكم الحادثة بالبراءة الأصلية، وكأن الدليلين المتعارضين غير موجودين.
وقلنا: بتقديم الجمع على الترجيح؛ لأن الدليلين المتعارضين قد ثبتا، ويمكن استعمالهما معاً، وبناء أحدهما على الآخر، فلا يمكن إلغاؤهما، أو إلغاء واحد منهما إذا أمكن العمل بكل واحد منهما ولو من وجه.
* * *
المسألة الرابعة:
الترجيح - وهو: تقديم المجتهد لأحد الدليلين المتعارضين؛ لما فيه من مزية معتبرة تجعل العمل به أولى من الآخر - لا يوجد إلا بين الدليلين المتعارضين؛ لأنه لولا التعارض لما وجدت حاجة إلى الترجيح والبحث عنه بعد تعذر الجمع، فلم يلجأ المجتهد إلى الترجيح إلا من أجل التخلص من ذلك التعارض.
* * *
المسألة الخامسة:
لا يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين سواء كانا نقليين، أو عقليين، لأن الترجيح لا بد أن يكون موجباً لتقوية أحد الدليلين