من حق أخيه، فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ".
* * *
المسألة التاسعة:
المصيب واحد من المجتهدين في الفروع، أي: إذا حدثت حادثة في الفروع، ولم يوجد دليل قاطع في حكمها من نص أو إجماع، فإنا نعلم أن لله تعالى فيها حكماً شرعياً معيناً، فيطلب المجتهدون ذلك الحكم بشتى أنواع الاجتهاد، فمن أدركه كان مصيباً، ومن لم يدركه كان مخطئاً لا إثم عليه، ولا يقطع بخطأ واحد من المجتهدين، ولا يقطع بإصابة واحد بعينه.
وقلنا ذلك؛ لإجماع الصحابة السكوتي، حيث إنه قد انتشرت عن الصحابة - رضي الله عنهم - وقائع ومسائل خطأ بعضهم بعضاً فيها، وصرَّحوا بلفظ الخطأ والإنكار كقول ابن عباس - يعني زيد بن ثابت في مسألة الجد والإخوة -: " ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابناً ولا يجعل أب الأب أباً ".
وقال علي رضي الله عنه - يعني عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف -: " إن كانا قد اجتهدا فقد أخطئا، وإن لم يجتهدا فقد غشاك عليك الدية، قاله لعمر بن الخطاب لما أرسل إلى امرأة فأفزعها فأجهضت فسأل عثمان وعبد الرحمن فقالا:" لا شيء عليك إنما أنت مؤدب "، وغير ذلك.
فلو كان كل مجتهد في ذلك مصيباً لما خطأ بعضهم بعضاً، بل كان يقول بعضهم لبعض:" أنا مصيب وأنت مصيب ".