الشرط ولم يكن نسخه نسخاً لحكم الصلاة، بل إن العبادة - وهي الصلاة - باقية بحالها لم تتغير، وإنما التغير قد تناول شرطها فقط، وكذلك نسخ عشر رضعات بخمس، ونسخ هذا الجزء - وهو الخمس - لم يكن نسخاً لكل العشر، والوقوع دليل الجواز.
ثانيهما: أن حقيقة النسخ هو: رفع الحكم الشرعي، ولم توجد هذه الحقيقة هنا؛ حيث إن نقص الجزء أو الشرط لم يرفع حكم تلك العبادة من الوجوب أو الندب أو غيرهما، فلا يكون نسخاً، وذلك كمن أخذ ريالاً من كيس فيه عشرة ريالات، فإن الباقي بعد نقص الريال باق على حاله لم يرتفع أو لم يتأثر بشيء.
* * *
المسألة السادسة عشرة:
يجوز نسخ الحكم من غير أن يأتي ببدل عنه؛ لأمرين:
أولهما: أن حقيقة النسخ: رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه، ورفع الشيء يتحقق في نفسه، وإن لم يثبت له خلف وبدل، فليس في حقيقة النسخ تعرض للخلف والبدل.
ثانيهما: وقوعه؛ حيث إن تقديم الصدقة بين يدي المناجاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان واجباً لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ)، والوقوع دليل الجواز.