إما أن يكون للاسم معنيان، فيستعمله أهل اللغة لمعنى واحد فقط دون الآخر أو يخصصونه به، ويعرف بينهم، مثل لفظ " الدابة "، فإنه خصِّص في العرف للفرس ولكل ذات حافر، مع أنه يطلق في اللغة على كل ما يدب على الأرض.
وإما إن يشيع استعمال الاسم في غير ما وضع له أصلاً بحيث لا ينكره أحد، كلفظ " الغائط " فإنه يطلق لغة على المطمئن والمنخفض من الأرض، ثم استعمل عرفاً في الخارج المستقذر من الإنسان، وهذا الاستعمال وإن كان مجازاً إلا أنه اشتهر وشاع حتى صار هو المتبادر إلى الفهم عند الإطلاق، ونُسي الأول.
القسم الثالث: حقيقة شرعية، وهي: اللفظ المستعمل في الشريعة على غير ما كان عليه في وضع اللغة، كالصلاة - مثلاً - فإنها في اللغة: الدعاء، فاستعمل هذا اللفظ في الشريعة على الأقوال والأفعال المخصوصة، فصارت حقيقة فيها.
والشارع نقل لفظ " الصلاة " وغيرها كالصوم، والزكاة، والحج عن مسمياتها ومعانيها اللغوية إلى معانِ أخر بينها وبين تلك المسمَّيات - بحسب اللغة - مناسبة معتبرة، واشتهرت بعد أن كانت لغوية، فصارت حقائق شرعية.
فالصلاة لغة: الدعاء، والزكاة لغة: النماء، والصوم لغة: الإمساك، والحج لغة: القصد، فنقل الشارع هذه الألفاظ من معانيها اللغوية السابقة واستعملها في معان أُخر شرعية، وليس هذا نقلاً مطلقاً، بل مع وجود علاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي.
دل على ذلك: الاستقراء والتتبع للألفاظ الشرعية التي