إن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ترك فعل شيء فإنه يتبين من ذلك نفي وجوب ذلك الشيء، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقع في فعله محرم، ولا ترك واجب.
خامساً: السكوت، أي: يحصل البيان بالسكوت، فلو سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حكم حادثة، وسكت: فإن سكوته يدل على أنه لا حكم للشرع في هذه الحادثة، وهذا يعتبر بياناً لها؛ حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقرّ على الخطأ.
سادساً: الإشارة، أي: يحصل البيان بالإشارة؛ لوقوعه؛ حيث روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهراً، فلم بلغ تسعة وعشرين يوماً دخل عليهن فقيل له: إنك آليت شهراً فقال: " الشهر هكذا وهكذا "، وأشار بأصابعه العشر وقبض إبهامه في الثالثة: يعني تسعاً وعشرين يوماً.
* * *
المسألة الخامسة:
إذا اجتمع القول والفعل وكل واحد منهما صالح لأن يكون بياناً للمجمل، وكانا متفقين في الدلالة على حكم معين، فإن أحدهما يكون هو المبيِّن، والآخر يكون مؤكداً له من غير تعيين؛ لحصول المقصود به.
* * *
المسألة السادسة:
إذا اجتمع القول والفعل، وكل واحد صالح لأن يكون بياناً للمجمل، وكانا مختلفين، أي: ما يفيده القول يخالف ما يفيده الفعل، فإنه يقدم القول مطلقاً سواء تقدم القول أو الفعل، أو لم يعلم شيء من ذلك؛ لأن القول يدل بنفسه على البيان بخلاف الفعل فإنه لا يدل على كونه بياناً إلا بواسطة دلالة القول عليه،