ولأن تأخير البيان عن وقت الحاجة يعتبر تكليفاً بما لا يطاق وهو: لا يجوز، حيث لا قدرة للمكلف حينئذٍ على الامتثال.
مثل: ما لو قال: " حجوا هذا العام "، ثم إذا جاء وقت الحج لم يبين لهم كيفية الحج وطريقته.
* * *
المسألة التاسعة:
يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة وهو وقت وجوب العمل بمقتضاه؛ لأنه لا يترتب على فرض جوازه محال؛ وغاية ما في الأمر هو: جهل المكلف بما كلف به مدة منْ الزمن، وهذا ليس بمحال، ولا يؤدي إلى المحال.
ولوقوع تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة في الشريعة، حيث إنه لما نزل قوله تعالي:(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ)، أخرَّ بيان أفعال الصلاة وأوقاتها حتى بين ذلك جبريل عليه السلام، ثم بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأمته قائلاً:" صلوا كما رأيتموني أصلي "، ولما نزل قوله تعالى:(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - طريقة الحج بعد ذلك بمدة قائلاً:" خذوا عني مناسككم " والوقوع دليل الجواز.
وبناء على ذلك: فإنه يجوز للرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخِّر التبليغ لما أوحي إليه من قرآن أو غيره إلى وقت الحاجة إليه.