من النوم فلا يغمس يده في الأناء حتى يغسلها ثلاثاً "، بدليل قوله بعده: " فإنه لا يدري أين باتت يده ".
* * *
المسألة السادسة:
صيغة الأمر: وهي: افعل، إذا تجردت عن القرائن تقتضي الوجوب حقيقة، واستعمالها فيما عداه من المعاني السابقة الذكر كالندب والإباحة وغيرها يكون مجازاً، أي: لا يحمل على أي معنى مما سبق إلا بقرينة.
حيث إن الله تعالى قد ذم إبليس لما امتنع عن السجود وأنكر عليه بقوله:(مَا مَنَعَكَ)، فلو لم يكن السجود واجباً عليه لما استحق الذم والتوبيخ على تركه؛ لأنه لا يذم أحد إلا بسبب تركه لواجب، حيث قلنا - فيما سبق -: إن الواجب هو: ما ذم تاركه شرعاً مطلقاً، فتكون الصيغة - وهي: افعل - تقتضي الوجوب عند التجرد.
ولإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على أن الأمر يقتضي الوجوب؛ حيث إنهم كانوا يسمعون الأمر من الكتاب والسنة فيحملونه على الوجوب، ولهذا لم يرد عنهم أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المراد بهذا الأمر، بل كانوا يحملون جميع الأوامر على الوجوب إلا إذا اقترن به قرينة تصرفه عن الوجوب، ولم ينكر بعضهم على بعض ذلك، فكان إجماعاً. من ذلك: استدلالهم على وجوب الصلاة عند ذكرها بالأمر المطلق الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "،