للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من النوم فلا يغمس يده في الأناء حتى يغسلها ثلاثاً بدليل قوله بعده: " فإنه لا يدري أين باتت يده ".

* * *

المسألة السادسة:

صيغة الأمر: وهي: افعل، إذا تجردت عن القرائن تقتضي الوجوب حقيقة، واستعمالها فيما عداه من المعاني السابقة الذكر كالندب والإباحة وغيرها يكون مجازاً، أي: لا يحمل على أي معنى مما سبق إلا بقرينة.

وقلنا: إنها للوجوب؛ لقوله تعالى: (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)،

حيث إن الله تعالى قد ذم إبليس لما امتنع عن السجود وأنكر عليه بقوله: (مَا مَنَعَكَ)، فلو لم يكن السجود واجباً عليه لما استحق الذم والتوبيخ على تركه؛ لأنه لا يذم أحد إلا بسبب تركه لواجب، حيث قلنا - فيما سبق -: إن الواجب هو: ما ذم تاركه شرعاً مطلقاً، فتكون الصيغة - وهي: افعل - تقتضي الوجوب عند التجرد.

ولإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على أن الأمر يقتضي الوجوب؛ حيث إنهم كانوا يسمعون الأمر من الكتاب والسنة فيحملونه على الوجوب، ولهذا لم يرد عنهم أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المراد بهذا الأمر، بل كانوا يحملون جميع الأوامر على الوجوب إلا إذا اقترن به قرينة تصرفه عن الوجوب، ولم ينكر بعضهم على بعض ذلك، فكان إجماعاً. من ذلك: استدلالهم على وجوب الصلاة عند ذكرها بالأمر المطلق الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها "،

<<  <   >  >>