وبناء على ذلك: فإنه لو قال: " إن أكلت فأنتِ طالق "، فإنها تطلق إن أكلت أيَّ شيء، لكن لو نوى أكلاً معيناً كالتفاح فإنها لا تطلق إن أكلت غيره كالبرتقال، لأن كلامه عام، وخصَّصه بالنية؛ لأن العام يقبل التخصيص.
* * *
المسألة الثامنة:
دلالة العام ظنية، وليست قطعية، أي: أن تلك الصيغ والألفاظ تدل على العموم والخصوص، لكن دلالتها على العموم أرجح من دلالتها على الخصوص.
وقلنا ذلك لأن هذه الصيغ تستعمل للعموم - كما سبق بيانه - ومع ذلك فقد كثر إطلاقها وإرادة الخصوص كثرة لا تحصى حتى أنه اشتهر قولهم: " ما من عام إلا وقد خصص إلا قوله تعالى: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، واستعمال تلك الألفاظ والصيغ في الخصوص كثيراً تجعل دلالتها على العموم ظنية؛ لأن احتمال إرادة الخصوص بها وارد وثابت بدليل.
وبناء على ذلك: فإن أي دليل ظني كخبر الواحد، والقياس، والمفاهيم، يقوى على تخصيص العام؛ لأن الظني يقوى على تخصيص الظني.