ترك الاستفصال في حكاية الحال مع وجود الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، فقوله - صلى الله عليه وسلم - لغيلان الثقفي - الذي أسلم وتحته عشرة نسوة -: " أمسك أربعاً وفارق سائرهن "، وهو لم يستفسر منه هل عقد على هذه النسوة بعقد واحد في زمن واحد، أو عقد عليهن بعقود متعددة في أزمان مختلفة؛ هذا يفيد العموم في جميع الأحوال؛ لأن ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاستفصال من الحاكي في حكايته مع قيام الاحتمال الذي من شأنه أن يؤثر في الحكم، ينزل منزلة العموم في المقال، أي: أن الحكم - وهو: إمساك أربع ومفارقة الباقي عام في الحالتين المذكورتين سابقاً، وهذا يتبين فيه سماحة الإسلام ويسره.
* * *
المسألة الثانية والعشرون:
المقتضَى لا عموم له، أي: أن الشيء الذي اقتضاه اللفظ لصدق الكلام، أو لصحته العقلية، أو لصحته الشرعية، يكون واحداً فقط؛ لأن ثبوت المقتضَى كان للضرورة حتى إذا كان الكلام مفيداً للحكم بدونه لم يصح إثباته لغة ولا شرعاً، وإذا كان للضرورة فإن الضرورة تقدّر بقدرها، ولا حاجة لإثبات