وقلنا ذلك: لأن الاستثناء غير مستقل بنفسه، فهو جزء من الكلام أتي به لإتمامه وإفادته، لذلك لا يفيد شيئاً إلا إذا اتصل به مباشرة، لكن لو انفصل الاستثناء عن المستثنى منه لم يكن ذلك الاستثناء متمماً لذلك الكلام الأول وذلك قياساً على الخبر مع المبتدأ، فكما أن الخبر لا يفيد شيئاً بدون المبتدأ، والمبتدأ لا يفيد شيئاً بدون الخبر فكذلك المستثنى لا يفيد شيئاً بدون المستثنى منه.
وبناء على ذلك: فإن المتكلم لو فصل بين المستثنى منه والمستثنى، فإن المستثنى لا يؤثر على المستثنى منه إلا إذا فصله بشيء اضطر إليه كسعال ونحوه، كما لو قال:" علي ألف ريال استغفر الله إلا مائة " فإنه لا يصح الاستثناء؛ لأنه فصل بشيء يستطيع تركه.
* * *
المسألة الثانية والثلاثون:
يجوز تقديم المستثنى على المستثنى منه إذا كان متصلاً به، فيجوز أن تقول:" قام إلا زيداً القوم "، وتقول:" القوم إلا زيداً ذاهبوان "؛ لوقوعه في كلام العرب كقول الشاعر:
فما لي إلا آل أحمد شيعة. . . وما لي إلا مشعب الحق مشعب
والتقدير: ما لي شيعة إلا أحمد، وما لي مشعب إلا مشعب الحق.