وقياس عمر رضي الله عنه في مسألة المشركة، وقياس علي حد شارب الخمر على حد القاذف؛ حيث قال:" إذا شرب سكر، وإذا شكر هذى، وإذا هذى افترى، فعليه حد المفتري "، وقياس ابن عباس الجد على ابن الابن في حجب الأخ، وقياس زيد الأخ على الجد في أن كلاً منهما يرث، وقياس ابن مسعود في مسألة المفوِّضة وغير ذلك مما لا يحصى يدل على أنهم قد استدلوا بالقياس وعملوا بما ينتج عنه، بدون أن ينكر عليهم أحد، فكان إجماعاً سكوتياً منهم على حجيته، والمجمع عليه بين الصحابة حجة يجب العمل به.
ولقوله تعالى:(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)، حيث إن الاعتبار عند أهل اللغة هو تمثيل الشيء بغيره، وإجراء حكمه عليه، ومساواته به وهذا هو القياس. فقد أمر الشارع - هنا - بالقياس، والأمر إذا تجرد عن القرائن يقتضي الوجوب، إذن: القياس واجب، والوجوب يستلزم الجواز.
ولقوله تعالى:(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)، حيث إن القياس حقيقة هو: تمثيل الشيء بالشيء، وتشبيه أحدهما بالآخر.
ولحديث معاذ وهو: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قاضياً قال:" كيف تقضي إن عرض عليك قضاء؟ "، قال: بكتاب الله، قال:" فإن لم تجد "، قال: بسنة رسول الله، قال:" فإن لم تجد "، قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فصوبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك. وهذا يدل على جواز أخذ الأحكام عن طريق الاجتهاد، والقياس نوع من أنواع الاجتهاد، فيكون القياس دليلاً من أدلة الشرع.