ودل على حجيتها: إجماع الصحابة؛ حيث إن من تتبع الفتاوى الصادرة عنهم، ونظر إلى طرق اجتهاداتهم، علم أنهم كانوا يراعون المصالح، وينظرون إلى المعاني التي علموا أن القصد من الشريعة رعايتها، دون نكير من أحد، فكان إجماعاً.
وأيضاً: لو لم نجعل المصلحة المرسلة دليلاً من الأدلة، للزم من ذلك خلو كثير من الحوادث من أحكام، ولضاقت الشريعة عن مصالح الناس، وقصرت عن حاجاتهم، ولم تصلح لمسايرة مختلف المجتمعات والأزمان والأحوال، وهذا خلاف القاعدة الشرعية وهي:" إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان "، فلا بد من جعلها دليلاً من الأدلة الشرعية؛ لهذه القاعدة، ولأن النصوص قليلة، والحوادث كثيرة.
وعلى هذا: يستدل بالمصلحة على أن المرأة البكر لا تغرَّب إذا زنت لأن في تغريبها تعريضاً لها للفساد، وُيستدل بها على قتل الجماعة بالواحد؛ لأنه لو سقط القصاص بالاشتراك لأدى ذلك إلى اتساع القتل به.