الشرط الثاني: أن يكون الراوي بالغاً، أما الصبي فلا تقبل روايته؛ لأن الصبي لا يعرف الله تعالى وإذا كان كذلك فلا يخاف عقاب من لا يعرفه ولا يرجو ثواب من يجهله، فيكون الصبي لا رغبة له في الصدق، ولا يوجد شيء يجعله يتجنب الكذب، وبالتالي لا يؤمن جانبه فلا يوثق بخبره، فلا يقبل.
وأيضاً: فإن الصبي إذا أقر بشيء على نفسه فإنه لا يقبل، فإذا كان لا يقبل منه هذا مع أنه خاص بنفسه، فإنه من باب أولى أن لا يقبل خبره عن غيره.
الشرط الثالث: أن يكون الراوي عاقلاً، فلا يقبل خبر المجنون، لأن العاقل يُميز بين خبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وخبر غيره، وبين قبح الكذب، وحسن الصدق، ويعلم معنى المنقول والمراد منه.
الشرط الرابع: أن يكون الراوي متصفاً بالعدالة وهي: هيئة راسخة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة؛ حتى تحصل ثقة النفس بصدقه، ويتحقق ذلك باجتناب جميع الكبائر والصغائر، واجتناب بعض المباحات التي يدل فعلها على نقص المروءة ودناءة الهمة، كالإفراط في المزاح، والبول في الشارع، والأكل في السوق، والضابط في هذا: ظهور أمارة الصدق، وعدم ظهور أمارة الكذب، وهذا يختلف باختلاف المجتهدين.
وعلى هذا لا يقبل خبر الفاسق؛ لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦))، حيث إن الله تعالى قد نهانا عن قبول خبر الفاسق والعمل به إلا بعد التثبت والتأكد من صحته، فلو كان خبر الفاسق مقبولاً لما أمرنا بالتثبت من خبره.