للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعي وناظر المسجد الحرام الصلاحي بن ظهيرة ونائب جدة الأمير قاسم الشرواني وغيرهم من التجار والأعيان عند أمير الحاج الزيني بركات بن موسى ناظر الحسبة الشريفة بالديار المصرية وغير ذلك للتهنئة للشهر على العادة. فتكلّم الشريف على نائب جدة بحضرته وتهددّه بأمور كثيرة بلغَتْهُ عنه، فلم يردّ له جوابا، وإنّما قال له: إيش قصْدك يا شريف؟ فقال له: قَصْدي قطْع رقَبتِك وإراحة المسلمين منك، فقال له: لو كان اليسق العثماني (١) النائب يسافر من محلّ نيابته بلا طلَب من السلطان كنْتُ سافرْتُ من بلَدك! فتكلم أمير الحاج في الصلح بينهما فاصْطلَحا بعد ذلك، وخلع وخلع أمير الحاج على كلّ من الشريف وولده ونائب جدة والقاضي الشافعي كالعادة وتوجّهوا إلى منازلهم.

وفي يوم الثلاثاء ثالث الشهر فرّق أمير الحاج الذخيرة الشريفة بسكنه مدرسة الأشرف قايتباي بحضرة قاضي القضاة الشافعي والخواجا شمس الدين ابن شيخ سوق الدهشة الحلبي، وذلك بإشارة ملك الأمراء خائر بك المظفري نائب الديار المصرية، وأنّه من المقرّبين عنده، وكانت تفْرِقَتُها هنيّة، أصرِف كل دينار ثلاثة وعشرين مُحَلّقًا على العادة، وأكْمِلتْ تفرقتها في ثاني تاريخه.

وفي يوم الخميس خامس الشهر وصل سْبق الحاج الشامي فتباشر الناس به بعد إياسهمْ منه، وكان وُصُولُه على التجّار من الفرَج بعد الشدة.

وفي صبْح يوم الجمعة ثاني تاريخه توجّه الشريف بركات زعيم الحجاز لملاقاة أمير الحاج الشامي وولده الشريف أبو نمي وهو دوادار نائب الشام المقرّ الكافلي


(١) اليسق العثماني: كلمة تركية معناها: قوانين التعامل الاجتماعي والسياسي والإداري مع الدولة. وأصل الكلمة كما ذكره المقريزي في الخطط أن جنكيز خان لمّا غلب على الحكم قرر قواعد وعقوبات في كتاب سمّاه "ياسا" وهو الذي يسمّى "يسق" كانت منه نسخة في المدرسة المنتصرية. الزبيدي: تاج العروس مادة (ي س ق) ٧: ٩٧. وأصبحت كلمة "يساق" تعني الممنوع في بلاد شمال إفريقيا. ولعل في الجملة الواردة في نص الكتاب كلمتان سقطتا لتكون الجملة مستقيمة كما يلي "لو كان النسق العثماني يُجيز للنائب أن يسافر".