للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجلدة، والمطوّلات في الصّحف مخلَّدة، ورحم الله بعض الناس، حيث قال في هذا القياس:

ولو كتْبتُ كلَّ ما علمتهُ … لضاقتْ الأنفاس والقرطاس

لكنني أذكرُه مختصرًا … مبتغيًا (١) لما عليه الناس

كان أول شهر الله المحرم الحرام بالإثنين. واستهل ناقصًا مع أن السماء مغيّمة، والآفاق مظلمة. ووصل الخبر في أوله إلى مكة المشرفة أنه حصل في بندر جدة سيْل عظيم طالب (٢) من غير مطر امتلأت منه الصهاريج جميعها ثم دخل البحر من جهة اليمن وانتفع به أهل البلد كثيرًا بعد قحطهم من الماء وبلوغ .... (٣).

وحصلت في وادي مَرّ سيول كثيرة وكذا في هدّة بني جابر (٤) بحيث ذكر الأكابر الذين شاهدوا ذلك أنهم لم يعهَدوا مثله. وتهدّم كثير من الأصائل (٥) الكبار وقَلعتْ الزرع، وقُتِل في السيل أكثر من سبعين نفسا غرقا، وكثرَ الجراد في مكة وضواحيها بحيث جُلِب إليها في شطائر من جلود وبِيعَ في السوق كل كومٍ عدَّتُهُ ثماني جرادات بدرهم، واستعاذ الخلق من ذلك، فالله يَقِينا وإياهم المهالك.

وفي يوم السبت سادس الشهر ازداد غلو الأقوات بمكة بعد انحلال سعر الحَبِّ يسيرًا لكون الحب وصل إلى مكة. فإن الحكّام بجدة وذوي الشوكة من الأروام اشتروا جُلّاب الحبّ الواصلة إليها فتقاسموها بينهم خلا البعض فبقي للناس واشتراه السوقة بالجاه أيضًا


(١) كذا بالأصل، ولعل صوابها "متبعا".
(٢) كذا وردت الكلمة بالأصل.
(٣) بياض بالأصل بمقدار كلمة.
(٤) هدة بني جابر: تقع في بداية مر الظهران، ذكرها الفاسي في العقد الثمين ١: ٣١، ٢: ٩٠؛ البلادي: معجم معالم الحجاز ٩: ١٦٨.
(٥) الأصائل: جمع أصيلة وهي الحديقة.