بحقيقة الحال فعند سَماع هذه الأخبار تشوّش التجار المقيمون بمكة وغيرهم. فالله تعالى يلطف بالمسلمين، ويكتب سلامة المسافرين، ويختم بخير آمين.
وفي ظهر تاريخه توفي الفقيه الأصيل فخر الدين أبو بكر ابن الشيخ كريم الدين عبد الكريم بن محمد بن ظهيرة القرشي الحنبلي فجهّز في يومه وصلّي عليه عند الحجر الأسود بعد صلاة العصر كعادة بني ظهيرة قريبُه قاضي القضاة الشافعي الصلاحي بن ظهيرة وشيّعه خلق من الفقهاء وغيرهم، ودُفن بالمعلاة على قبر أبيه عند تربة الشيخ علي الشولي، وحزن الناس عليه كثيرًا وأثنوا عليه خيرًا. وكان صغير السن عمره نحو ثمان وعشرين سنة، وكان كثير الحشمة والمروءة وطرح التكليف، وخلف أخًا غائبًا بجدة المعمورة وثلاث أخوات، رحمه الله تعالى وعوضهم فيه خيرًا، وعُمِلتْ له رَبعة بالمعلاة صباحًا ومساءً مدة ثلاثة أيام وختم له يوم الرابع وهو يوم الخميس.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشريْ الشهر وصل الخبر من جدة أنّ جلابًا وصلتْ إليها من ينبع فيها بعض أهل مكة، وأخبروا أن جلابًا وصلتْ الينبع من الطور فيها الشهابي أحمد المدعو شحاتة (١) بن محمد بن عكاش المكي وأخوه بركات، وأخبر أنّ معه ورقتين من مصر مفتوحتين أرسل بهما قاضي القضاة بمكة الجمالي محمد بديع الزمان ابن الضياء الحنفي والزيني عبد الحق النويري المالكي فيهما الإخبار بولايتهما لقضاء مكة عوض مَن فيهما وغير ذلك. فوقع بمكة هرَج ومرَج وصار بعض أصحابهم يؤيد هذا الخبر وبعض الناس يكذّبه لعدم إخبار غيرهما من الحجازيين الذين مصر لذلك. وأشيع أنهما وصلا لمصر في سادس ذي الحجة الحرام من سنة ٩٢٤ التي قبل تاريخها ومعهما مرسومان من الخنكار بولايتهما، والله أعلم بحقيقة الحال.