وفي عشاء ليلة الأربعاء ثامن عشر الشهر وصل إلى مكة ميتًا الوزير بجدة الجمالي محمد بن راجح بن شُمَيْلة الحفيصي الجدي، وكان موته فجأة بخارجها في الليلة قبل تاريخه، وحُمل منها في صباحها فجهّز في ليلته وصلّي عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة وظهرت له رائحة كريهة فصار بعض الناس يُقلّ الرحمة عليه. وشيّعه جماعة من الأعيان ودُفن بالمعلاة في تربة أعدها لشيخه العارف بالله الجنيد بن محمد المشرع اليمني في حياته، ودُفن بجانبه لطلب بركته، نفع الله به وغفر للميت بسببه، فإنه كان كبير العشارين بجدة والمتسبب في الغلاء لأهل مكة لتحكيره لأقواتهم الواصلة بحرًا، وتقتْيره على المتسببين برأ فالله تعالى يسامحه، وإن شَمَتَ به خلق من الناس. وأنشد فيه بعض الشعراء الأكياس:
هلك الكلب فجأة … أيها الناس كبروا
وأشعلا قبره لظى … يا نكير و منكر
وخلف ابنة صالحة وذكرًا مراهقًا اسمه إسماعيل يغلب عليه البَلهُ وبنتًا بالغًا، فخُتِمتْ بيوته وعُلقت الفرضة السلطانية، وتعطل أهل المراكب الهندية من التنجيل حتى تولى الشريف حمن (١) وتولى عوضه.
وفي صبح يوم الجمعة عشرين الشهر عُمل له ختم بالمعلاة وتوجه ولده وأولاد أخيه إلى الشريف في جهة اليمن بسببه، فالله تعالى يعفو عنه ويعوضهم فيه.
وفي عصر تاريخه سافر قاضي القضاة الشافعي الصلاحي بن ظهيرة القرشي إلى جدة المعمورة بسبب موسم الهندي ووادَعَه جماعة من الأعيان في منزله وتوجه صحبته ابن أخيه المحيوي ابن القاضي بهاء الدين.
(١) كذا بالأصل، ولعله يحيى بن سبيع الذي سيذكر في الصفحة ١٤٧.