للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي عصر يوم الجمعة ثالث عشر الشهر ماتت عائشة شقيقة خوند زوجة الأشرف قايتباي زينب ابنة العلائي علي بن خاص بك بعد توعكها نحو جمعة بالحمى. فعمل لها فسقية جانب تربة الأمير تَنِبِك الجمالي (١) في حضيرة مختص الخادم (٢) بالمعلاة في يوم وليلة. واستمرتْ في منزلها إلى أن تغيرتْ وأرْوحت، فجهّزت في ظهر ثاني تاريخه وصلّي عليها عند باب الكعبة قبيْل صلاة العصر، وحصل على نعشها بشخانة خفيفة كعادة الخوندات بالقاهرة، وشيّعها جماعة قليلون لبروزهم بنعشها في هذا الوقت وخوفهم من ازدياد الرائحة الكريهة. فدُفنتْ في الفسقية التي أعِدتْ لها، رحمها الله تعالى وخلفتْ ابنة بالقاهرة من الأمير الدوادار وضُبِط موجودها بعد يومين وهو قليل بالنسبة إلى حالها، فإنها تزوجتْ ستة أمراء، مقدمين مات كل منهم معها وورثته، لكن الأروام صادروها وأخذوا منها نحو مائتي ألف دينار على ما يُقال.

وفي يوم الإثنين سادس عشر ضرب النويري علي بن عبد الحق المالكي الجديد الزيني عبدوه ابن الشيخ نور الدين بن ناصر بيده ورمى (٣) عمامته من على رأسه بسبب أنه تكلم على بعض الرسل الذين أرسلهم القاضي المذكور خلف شخص هرب منه إلى الكعبة الشريفة ولزمها فقال للرسول: أنا أؤدي الخصم للقاضي، فلما توجّه به إليه سبه سبًا فاحشًا ومنعه من الشهادة على بابه. فتشوش كثير من الناس لفعله هذا وجرأته على الخصم وغيره من الناس بالضرب والسب الذي لا يليق فعله لأكثر منه، لكن الولد سر أبيه فالله يهلكهما ويُريح المسلمين من أحكامهما القراقوشية وأفعالهما الطاغوتية والجبروتية.


(١) هو تنبك الجمالي أمير المحمل المصري سنة ٩٠٣ هـ. انظر العز بن فهد: غاية المرام ٣: ٨٢.
(٢) ذكر في غاية المرام للعز بن فهد ٢: ٥٩٤.
(٣) بالأصل: وأرمى.