فأعجب الشريف بهذين البيتين وصار يكررهما، وخلع على وكيل الصدقة الهندية الشيخ العلامة الملك شمس الدين محمد بن شيخ علي القيلاني (١) الشافعي خلعة قفطان مدنّر فدخل بها إلى البلد وهو معجب بها.
وفي ثاني تاريخه دخل السيد الشريف إلى جدة ونزل في بيت قاضي القضاة الشافعي، ثم توجّه راكبًا إلى نائب جدة الأمير قاسم الشرواني وسَقاه سكرًا مُذابًا ثم عاد إلى بيت قاضي القضاة الشافعي، فاجتمع به جماعة من الأعيان قضاة مكة فسلموا عليه وتكلموا مع القاضي الشافعي في أمرهم، فأمر السيد الشريف بالقاضي بعد توجهِهِ من عنده فحضّره الشريف عرار بن عجل ثم قدّم للشريف حلوى فأكل القضاة معه وانصرفوا. وأقام الشريف إلى قريب الظهر ثم توجّه إلى فريقه فعاد القضاة إلى القاضي الشافعي فوجدوا الشريف عرار عنده فتكلموا في معلوم القضاء بين القضاة المتولين والمعزولين، وتخاصم بعضهم ثم وقع الاتفاق على أن يُعطى لقاضي الدين المرشدي الحنفي نحو ثلث المعلوم لمباشرته للوظيفة عن أقل من سنة ثلاث وعشرين ونصف سنة تاريخه، والباقي لنائب القاضي المتولي قاضي القضاة بديع الزمان بن الضياء عن سنة لولايته عن سنة اثنين وعشرين والتي بعدها، ولقاضي القضاة الجلالي المالكي قريب النصف لولايته عن سنة ثلاث وعشرين ونصف سنة تاريخه، والباقي للقاضي المتولي الزيني عبد الحق النويري. وحصة كل سنة أربعين دينارًا هي معلوم سنتين ماضيتين سنة اثنين وعشرين والتي بعدها، وإنعام عن سنة تاريخه لوصول المصحف الشريف وتأخير الهند معلوم - سنتين على ما يقال - هما سنة تاريخه والتي قبلها. وحصل بوصول هذه الصدقة لأهل الحرمين الشريفين غاية الخير والرفق.