وفي صبح يوم الجمعة ثالث الشهر توجّه الوكيل والناظر إلى فريق السيد الشريف فوقع الكلام في الصرف للمستحقين المقيمين بجدة، فأنْعم الشريف بالصرف لهم وألبس الناظر والمباشر على الصدقة خلعة حسنة ودخلا إلى البلد. ثم اجتمع الخلق إلى منزل قاضي القضاة الشافعي وكَتب كل واحد من المستحقين إشهادًا بما يقبضه فكُتِب له عليه وتوجّه به إلى الوكيل فكتب له بالصرف إلى الصيْرفي فقبض الناس استحقاقهم ثاني تاريخه وانفرجوا بعد الضيق، وفرح لهم كل صاحب وصديق، فالله تعالى يُجزي المحسنين، ويُصلح أحوال المسلمين، ويفرج الهمّ (١) عن المدينين، ويكتب السلامة على المسافرين، وينْصر غُزاة الموحدين، بجاه سيد الأولين والآخرين.
وفي فجر يوم الإثنين سادس الشهر وُلد بمكة النجل السعيد إن شاء الله تعالى نجم الدين محمد ابن القاضي تاج الدين عبد الوهاب ابن شيخنا قاضي القضاة بالحرمين الشريفين نجم الدين محمد بن يعقوب المالكي المكي، وأمه السيدة الجليلة سيدة قريش ابنة قاضي القضاة بالحرمين الشريفين محيي الدين عبد القادر ابن الشيخ العلامة نجم الدين محمد بن ظهيرة القرشي الحنبلي. وكان والده وجده لأمه بجدة فأُرسِل قاصد لوالده، ففرح بذلك هو وأصحابه. جعله الله ولدًا مباركًا وأنشأه نشًا صالحًا وأقر به عين أبيه، ووالدته ومحبيه.
وفي هذه الجمعة عاد إلى مكة الفقهاء الذين بجدة بعد قبضهم لتعلقهم في الصدقة المظفرية.
وفي مغرب ليلة الأربعاء ثامن الشهر وصلت إلى جدة زعيمة من ينبع أخبَر رَكَبَتُها بوصول جلاب إلى الطور، وفيها قاضي القضاة الحنفي بديع الزمان ابن الضياء القرشي،