للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وورثة غائبين ببلدها فوضع جماعة الشريف على مخلّفها فسمع القاضي الشافعي الجديد نور الدين بن (١) ناصر فتكلم كلاما كثيرا وقال: هذا لا يحلّ فعله، وخرج من مجلس حكمه بالمدرسة الأشرفية القايتبائية إلى بابها من جهة السوق وقال: أنا أعزل نفسي ولا أتكلم في قضية بعد هذه الفعلة فإن أمر الغيّاب يتعلق بقاضي الشرع، وكان من الاتفاقيات بروز المتكلم على المواريث الكمالي أبي الفضل بن أبي علي فقال له الناس: يتولد من هذا ضرر على الشريف فقال: أنا ختمتُ على حوائجها والقاضي يتوجه يضبط المخلّف ويختم عليه حتى يراجع الشريف، فسكت القاضي حينئذ ورجع إلى محله وصار بعض الناس يتكلم في هذه القضية وينسب القاضي للغرض فيها لأجل مصلحته والتصرف عليها وحرصه على التحصيل من التركات لما رآه في هذا الشهر من تعدّد الوصايا وإسنادها إليه وجَرّ نفْعها عليه.

وفي ضحى يوم الإثنين ثاني تاريخه وصل لمكة قاصد من جهة سلطانها الشريف بركات وهو نازل في ناحية اليمن، وأخبر أن شجاعا الرومي وصل إليه وأخبَره أن نائب جدة حسين الرومي أرسله لحفظ جدة من الفرنج المخذولين فانهم وصلوا إلى جبل الزقر (٢) خارج باب المندب في خمس وأربعين مركبا وهو مقيم في البقعة (٣) بندر مدينة زبيد وقد صالح سلطانها إسكندر الجاركسي، ويسأل الشريف في حفظها فأمر الحاكم بمكة القائد مبارك بن بدر بالنداء في شوارع مكة بالجهاد في سبيل الله والتوجه إلى بندر جدة، فنادى الحاكم بذلك وتوجّه بنفسه إلى السوق وأخذ منها فروق حب لنفسه وكذا محتسب مكة وغيرهما من الدولة وأصحابهم فتشوّش الناس لذلك وطلع سعر الحَب في ساعته بزيادة نصف محلق ثم رفع من السوق واتخذ الباعة فعل الحاكم سُلّمًا في منْعهم من بيْعه بسعره المعتاد، وتضرّر


(١) كلمة سقطت من الأصل.
(٢) جبل الزقر: جبل في البحر الأحمر بالقرب من ساحل زبيد المقحفي: معجم المدن والقبائل اليمنية ص ١٩٢،
(٣) البقعة: بلدة صغيرة قرب زبيد، المقحفي: معجم المدن والقبائل اليمنية ص ٢٥٥.