للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد مكاتبته نائب الديار المصرية في التئامه عليه ويجتمعان على عصيان سلطان الروم وابن سلاطينها سليمان خان ابن عثمان عقب موت والده. فامتنع نائب مصر من ذلك وحذره من عاقبة فعله فقتل رسوله ونوى المسير إلى الديار المصرية، ودعا له على منابر دمشق الشام وأعمالها، وضُرِبت السكة باسمه فأمر نائب الديار المصرية حكام الأقطار المكية بالاحتراز (١) منه وعدم تمكينه من ذلك، فالله تعالى يلطف بالمسلمين، ولا يصلح عمل المفسدين.

وفي ضحى يوم تاريخه عمل قاضي القضاة الحنفي بديع الزمان بن الضياء القرشي الحنفي وليمة عظيمة فيها ألوان مفتخرة لأجل بلّ السكر لعقد شقيقته البكر المصونة سيدة قريش (٢) على القاضي الأصيل زين الدين جار الله ابن القاضي أمين الدين ابن قاضي القضاة الخطيب فخر الدين أبي بكر بن ظهيرة القرشي الحنفي، فحضر جماعة من الفقهاء والتجار.

وفي ليلة الجمعة ثاني تاريخه عُمل العقد في المسجد الحرام أمام الرواق الغربي من باب العمرة إلى باب الحزورة وأوقدت شموع الحرم وثرياته وقدة عظيمة وحضره خلق من الأعيان والعامة الرجال والنساء، وانتظر (٣) قاضي القضاة الشافعي الصلاحي بن ظهيرة لأجل مباشرة العقد زمانا طويلا فلم يقدر على الحضور لعجزه عن الحركة لزيادة وجعه، عافاه الله تعالى، فباشر العقد بنفسه أخو الزوجة قاضي القضاة الحنفي على مائتي مثقال مهرها، فتوقف الزوج ووالده على ذلك، فوعد بترك مائة على العادة. وبعد الفراغ فرق السكر المذاب على الحاضرين وكذا البخور والماورد وأنشد القراء بعض القصائد، وكان العقد حافلا بهجا، جعله الله مباركا، وهُنّئ الزوج ووالده وأخو الزوجة، فالله تعالى يتمه لهم ويعيد نفعه عليهم.


(١) بالأصل: من الاحتراز.
(٢) بالأصل: على سيدة قريش.
(٣) بالأصل: انتصر.