وأخبر أنه ولي وظيفته على عادته وأنّ القاضي زين الدين المحتسب ولي الحسبة والنظر بجدة على عادته وفارقه من السويس، وكذا الخواجا أبو البقاء السكري صهر القاضي تاج الدين المالكي، وهو الذي سعى له في قضاء المالكية بمكة.
وأشيع أنه ولي شاه بندر جدة وأخذ قضاء المالكية لصهره ففرح لذلك جماعة كثيرون واغتم المتولي لذلك، فالله تعالى يريح المسلمين منه ومن أفعاله. ويقال إن شخصا وصل لمكة بحرا وأخبر بموت شيخ الإسلام زكريا، وقد جاوز عمره المائة، في رابع ذي الحجة عام ست وعشرين (٩٢٦ هـ)(١).
وفي ليلة الثلاثاء ثامن عشر الشهر وصلت أوراق من فريق الشريف الجماعة من التجار فيها الإخبار بوصول المركب الفتحي من كنبايه ونزل منه جماعة قريب الليث وذكروا أنّ خلفهم سبعة مراكب، ثلاثة من كنبايه وأربعة من الديو. فتباشر التجّار بذلك، فالله تعالى يُرخّص أسعار المسلمين، ويُسمعنا ما يسرّ، ويدفع عنّا ما يضرّ، بمحمد وآله آمين.
وفي يوم الجمعة حادي عشري الشهر وصل لمكة قاصد للسيد بركات صاحب مكة يقال له مُسَلَّم بعدّة مراسيم ولشاه بندر جدة الخواجا شرف الدين ابن شيخ الدهشة علي بن حمزة الحلبي ثلاثة مراسيم أحدها فيه الإخبار بهزيمة نائب الشام جان بردي الغزالي من حلب بعد محاصرة أهلها ثلاثة عشر يوما ورميه مدافع عليهم فأحرق باب المقام، ثم بلغه وصول علي بن سوار في عشرين ألف نفر وبعدد كثير من العساكر الرومية نحو سبعين ألفا عليهم أربع باشات هم فرحات باشا والياس باشا وخسرو باشا وغيرهم وتوجّه إلى جهة الشام وقصدنا ملاقاته بها مع العساكر الواصلة إليه. وثانيها أمره بمساعدة نائب جدة في بناء البرج الشامي بها
(١) هو زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري القاهري (ت ٩٢٦ هـ / ١٥٢٠ م) من كبار علماء عصره، فقيه محدِّث نحوي جامع لشتى المعارف، له مؤلفات عديدة، العيدروسي: النور السافر ١٢٠ - ١٢٥؛ الزركلي: الأعلام ٣: ٤٦.