للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشيخة الفراشين عوضه، فقال له: الوظائف تقليد لا تمليك، وإذا توجّهت إلى مكة تسمع بخبر ابنتك وما فعلته (١) في غيبتك.

ويقال إنها خرجت إلى المسجد بعد العشاء فوجدها الزيني عبد الواحد ابن الشيخ محمد الشيبي في المسجد، وهو سكران، فكلّمها ونفرت منه فأخذ إزارها، ومرّ عليها شخص أعجمي فأنكر ذلك عليه فضربه بجنبيتِهِ أدماه بها فشاع ذلك، فترتب (٢) عليه ما قدّره الله تعالى عليها. فلما وصل والدها إلى منزله فرحت به وأضافته فلم يلتفت إليها بل أدار كِتافَها وقَتَلها خنقًا وتدخينًا بالنار في حلقها. فلما أصبح أشاع (٣) وفاتها، ويقال: إنه أنكِرَ عليه ذلك فاعترف بقتلها لفسقها. فسمع الحاكم مبارك بن بدر فأرسل إليه بسببها فأنكر قتلها وجاء بحكيمين وهما الشهابي أحمد القيسوني المصري وعلي بن سكيكر العطار بمكة وأراها لهما ووعدهما بمبلغ فذكرا أنها ميتة من غير قتل فتركه الحاكم، وأعطى صبيانه نحو الدينارين وللشاهدين مضاعفة ذلك وجهّزها ضحى تاريخه. فكثر كلام الناس فيه وبلغ ذلك نائب جدة الرومي فأرسل إليه يطلبه فتوجّه له وأثبت عند القاضي الحنفي بديع الزمان براءته من قتلها بشهادة الحكيمين مع أن القاضي المذكور ممن أنكر عليه أول أمره وسمع منه الاعتراف بالقتل ولا العار بذكر فسقها، وربما سمع من عياله المباشرين لقتلها معه السبب الذي قتلها وهو تكتيفها بحبل وحرق خرقة وإدخال دخانها في حلقها إلى أن ماتت بذلك. وقد سمعت ذلك من القاضي في بداءة الأمر ونفذ حكمه على المالكي الزيني عبد الحق النويري. ويقال إنه أطعمهما رشوة، فلله الأمر من قبل ومن بعد، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.

ثم توجّه إلى جدة وعاد إلى مكة بسرعة لبراءته ممّا كتبه وأثبته على الحنفي ولا


(١) بالأصل: فعله.
(٢) وردت الكلمة غير معجمة بالأصل.
(٣) بالأصل: شاع.