للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نرى فيها شيئا (١) من الفتن، وعليّ جواب الخنكار فيما يفعلونه. فحلف له وبكى وقال: إن شاء الله أزيل كل مُشْتَكى، فتوجّه من عنده إلى منزله وقبض على جماعة من أكابر الأروام وأغلظ لهم في الكلام بل ضرب بعضهم وهدد بعضهم، منهم أحد رؤسائهم ابن أخت يعقوب الناظر بجدة كان، فإنه ممن هجم بيوت الأشراف، وفعل كثيرًا من الإسراف وجَرّس به.

ثم في ضحى يوم الخميس ثامن عشريْ الشهر توجّه إلى المسعى الشريف مع جماعة من الأروام ووقف على باب مدرسة الأشرف قايتباي الجاركسي ونادى رؤساء العسكر وأغلظ لهم في الكلام بحضرة العوام وقال لهم: دلوني على من آذى الناس منكم وإلّا ضربتكم، فصار الرؤساء يخبرونه بالمؤذين ويشيرون إليهم، ومن كان غائبًا أحضروه. فضرب منهم … (٢) نفسا ضربا مبرّحا على مقعدته كل واحد بعصاتين نحو المائة وأزيد من ذلك وأقلّ، فذلّوا لذلك، وانشرح لفعله كل قاطن وسالك، فالله تعالى يُكْثر من أمثاله، ويزيده من أفضاله.

وفي ثاني تاريخه أراد الأمين خير الدين قتل جماعة من المؤذين فنهاه الشيخ ابن عراق عن ذلك وقال: يكفيهم الأدب بالضرب، فحينئذ جَرّس ثلاثة أنفس منهم، وجعل كتف كل واحد منهم مكشوفا وغرز فيه سكينا نافذة في لحمه، وبعدهم جَرّس ثلاثة نسوة ممن يُفْسَق بهن وأركبهن على حُمُر في الشوارع سافرات الوجوه إحداهن يمانية وثانيتهن بجلية (٣) وثالثتهن مولدة (٤)، جزاه الله على فعله خيرا، وسكنت الفتنة لذلك بعض سكون.


(١) بالأصل: شيء.
(٢) سقط عدد المضروبين من الأصل.
(٣) وردت الكلمة على شكلها الوارد أعلاه، إلا أن نقطة الحرف الأول غير ظاهرة مما جعل نسبة هذه المرأة غير محققة.
(٤) وردت الجملة في الأصل كما يلي: "أحدهن يمانية وثانيهن بجلية وثالثهن مولدة".