يدخل مكّة صاحبها أبو نمي الحسني بعسكره ويلبس خلعة الخنكار بها، فتوجّهوا آخر النهار إليها.
وحصل [٩٠ أ] بمكة شعث ورياح وبعض مطر وكثيرُهُ بمنى حتى سالت الجبال وأسقيتْ البساتين بها وحصل النفع لأهلها، وكان عادتهم يملؤون (١) الصهاريج للحجاج في شهر تاريخه فنشفت آبار منى وغلا الماء بها بحيث باعوا كل عشرة راوية بأشرفي، فقال سيدي الشيخ ابن عراق، نفع الله به، لبعض من شكا عليه ذلك: يصبر الناس إلى أول الشهر ويملؤون الصهاريج بسهولة، إن شاء الله تعالى.
فقدّر الله حصول هذا المطر ببركة دعائه، نفع الله المسلمين به وأعاد علينا من بركاته.
وفي صبح يوم السبت ثاني عشر الشهر قدم مكّة صاحبها الشريف أبو نمي ومعه عسكره نحو مائة وخمسين فارسا وكثير من الرجال المشاة العبيد والعرب وأهل مكّة وبعض الأروام، فعرض من الزاهر ولبس خلعته من بين الحجونين، ودخل معه نائب جدة والأمين مصلح الدين والقاضي الشافعي وعَمّاه الشريفان شولق وسيسد والشريف عرار بن عجل لابس، والسيد محمد السمهودي القاصد إلى الروم بلا خلعة، وشقوا المسعى، وتوجّه الشريف أبو نمي إلى منزله وخلع خلعته وخرج من أسفل مكّة جهة الشبيكة وأقام بالزاهر وكان الناس ينتظرون دخوله إلى المسجد لقراءة مراسيمه فلم يأتهم، فخاط الناس في ذلك وماطوا. فتوجّه له نائب جدة والأمين خير الدين فسألاه في قراءة المراسيم فتخيّل منهما وقال لهما: قد رأيتما المرسوم ولا يحتاج إلى قراءته بحضرتي، وأرسل به مع القائد ياقوت بن عجلان مقدم المماليك، فدخل به إلى المسجد واجتمع هو والقضاة الأربعة وأمير جدة وقُرئ أمام مدرسة الشريف بالجانب اليماني أمام باب أم هاني على كرسي. ومضمونه: الثناء