للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرض لأمير الحاج المصري في وادي الجموم بعسكر كثيرا من الخيل، والرجل جمعهم من الشرق واليمن ومكة المشرفة وغيرها، وطلب من أمير الحاج خلعته، وهو رومي واسمه سنان الكيخيا، وُصِف بالعقل والتدبير، فطلب منه التوجّه إلى مكّة ليلبْسها (١) فيها، فقال له الشريف: أنا لا أدخل مكّة ما دام العسكر المجهّز مع القبطان سلمان فيها وكذلك نائب جدة الشاووش علي الرومي، وشكا منهما، وكان واقفا بعسكره أمام الحاج ولم يقربهم فأمرهم بمواجهته وحلف له على المصحف الشريف بعدم خيانته، فقال له أمير الحاج: أنا جئت للحج ولا أحلف لك ومهما طلبتَه أفعلُه لك، وأرسل له بخلعته على رأس حامل لها فلبسها وهو على فرسه وتوجّه إلى فريقه بالقرب من وادي أبي عروة (٢).

ثم في ليلة الجمعة ثاني تاريخه دخل مكّة أمير الحاج المصري وطاف وسعى وعاد إلى الزاهر خارج مكّة، على العادة، وبات بها إلى الصباح، وكذا أمير الشامي واسمه أويس الكاشف، وأقاما بها إلى ضحوة النهار، فدخل أمير المصري مكّة بعرضة صغيرة فيها عسكره، وتوجّه أمير الشامي إلى محطته بالأبطح، ولم يحصل بدخولهما أبّهة لعدم ملاقاة صاحب مكّة الشريف أبي نمي لهما. ويُقال إنّ أمير الشامي لما سمع أنّ أمير الحاج المصري أرسل للشريف أبي نمي خلعته أرسل له الآخر بخلعته إلى الوادي وعتب على أمير المصري لعدم إخباره بذلك، ودخل مع الركب المصري أمين الصدقة الرومية وكاتبها وسكن الأول في مسكن الأمناء بمنزل قاضي القضاة التاجي المالكي على عادتهم وما وافق الكاتب على سكنه بالمدرسة الزمامية على العادة بل سكن عند الخطيب عبد الرحمن النويري بسوق الليل، والله يقدر للمسلمين خيرًا.


(١) بالأصل: لبلسها.
(٢) وادي أبي عروة: عَرَّف به جار الله بن فهد في حسن القرى، مجلة العرب (رمضان - شوال ١٤٠٣ هـ) ص ١٩٢.