محمد الحسني لتدليسه وعدم أهليّته فانقمع لذلك، وانحسمت (١) مادة التعدي لمن سلك هذه المسالك، فقدّر الله تعالى وفاة مولانا السيد الشريف بركات، رحمه الله تعالى، وتولى عوضه مكّة نجله السيد المؤيد السيد الشريف نجم الدين أبو نمي محمد وعضده بعد وفاة والده نائب جدة المقر العلائي علي الرومي الشاووش، فمال الشريف أبو نمي إليه، وعوّل في أموره عليه، فطمع الأمير في جانبه لصِغَر سنّه وما علم أنه ليْثٌ من أسد، وجانبه أقوى منه وأشد، لكونه من بيت النبوة، وارث الشجاعة والرئاسة من الجدود والأبوة.
فكاتب ملك الروم يُخبره بوفاة صاحب مكّة وأنه قام بولده بعده. ويقال إنّه كتب بذلك محضرا دسّ فيه بعض أغراضه ليتوصل بها إلى مراده وأخذ خطوط جماعة من أرباب الوظائف بها وبعض الغرباء المقيمين فيها مع إحسانه إليهم فعاد ضرر ذلك عليهم لكون المحضر وصل إلى الديار المصرية واطلع عليه مُدبّر المملكة جانم الحمزاوي فأرسل به إلى الشريف أبي نمي، فتحمّل ممن كُتِب فيه ويقال منهم الخطيب عبد الرحمن النويري، فبلغ ذلك خصمه فتوجّه إلى الشريف وتوسّل بالشيخ محمد بن عراق عنده، ويقال إنه خدم بعض جماعة الشريف بمال فمكّنَه من وظيفة الخطابة وكتب معه عدة كُتُب لقاضي مكّة الشافعي وحاكمها وولاة الأمور بها ليمكّنُوه منها، فوصل بالأوراق في ليلة الثلاثاء ثاني الشهر المذكور وكتم أمرها وصار يظهر الفرح والسرور بها ويقول إنّ الشريف أذن له في السفر ليستنجز مرسومًا بتمكينه من الخطبة والظفر وذلك على جاري عادته في إظهار خلاف ما في باطنه.
فحس الخطيب عبد الرحمن بالقضية فتحيّر في أمره ولازم الصالحين في دفع ما نزل به واجتمع بشيخ الشيوخ محمد بن عراق في ظهر يوم الأربعاء ثالث الشهر