للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأسقاهم سكرا مذابا، وأنشد لسان الخطيب الوجيه قول مَن قال فيه:

ولو أني بليت بهاشمي … خؤولته بنو عبد المدان

لهان عليّ ما ألقى ولكن … تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

ورحم الله إمامنا الشافعي حيث قال: مَن سام نفسه فوق ما يساوي ردّه الله إلى ما يساويها. وقال الإمام أبو حنيفة: مَن طلب الرئاسة في غير حينه لم يُولّ. وقال الشيخ الشبلي: مَن تصدى قبل أوانه فقد تصدّى لهوانه. وقال بعض العلماء: واللبيب مَن صان نفسه عن تعرضها لما يعدّ فيها ناقصا وبتعاطيه ظالما أو بإصراره عليه واسعا (١). فنعوذ بالله من استعلاء الأرذال على الأصلاء، وقهر السفهاء الفضلاء، وولاية الدين لغير أهله، وإظهار الفحش من كل جاهل على قدر جهله، لما رواه أبو أيوب الأنصاري مما هو في التحذير خيري (٢) لا تبكوا على الدين إذا وليَه أهله، وابكوا عليه إذا وليه غير أهله.

واتفق للخطيب المفصول قهره لمباشرة خصمه المخذول وأراد التوجّه لصاحب مكّة فحصل له وجع وشدة برمي الدم وانقطع بمنزله مدة ثم شُفي من ذلك، والتجأ في قضيته إلى مولى الممالك، نرجو منه وقوع خصمه في المهالك.

وفي يوم السبت سادس الشهر جاء الخبر لمكة بأن عسكر الأروام هجموا على غالب بيوت جدة ونهبوا منها الأواني والأمتعة وطلعوا بها إلى مراكبهم فمنعهم القبطان سلمان ورمى ببعضها في البحر وبعضها أنزله إلى البر، وسافر بهم في جمعة تاريخه متوجّهًا إلى جهة اليمن، لا رده الله إلينا. وقد استمر بها حتى قُتِل فيها (٣).

وفي يوم الجمعة سابع عشريْ الشهر وصل لمكة الشاووش يحيى الرومي من مصر بحرا أرسله نائب الديار المصرية سليمان باشا الخصي الرومي وصحْبته خلعة


(١) كذا وردت الجملة بالأصل.
(٢) كذا بالأصل.
(٣) ذكر قطب الدين النهروالي تفاصيل مقتل سلمان في كتابه البرق اليماني ٥٣ - ٥٤.