للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرسا مقدمهم الوزير الأعظم إبراهيم باشا وصحبته الوزيران مصطفى باشا وإياس باشا، وحاصروا أهل جزيرة هناك تسمى مدة (١) ثلاثة أيام ثم نصره الله عليهم في ثاني عشر ذي القعدة وافتتحوا بعدها خمس عشرة قلعة ثم قصدوا ملكهم المسمى إسبانيا (٢) فوجدوه قد جمع من الفرنج المخذولين مائة وخمسين ألف نفس فاستعانوا عليهم بالله تعالى وحاصروهم ثلاثة أيام وانهزم الفرنج المخذولون (٣) والعساكر المنصورة في آثارهم طالبين وذلك في ثاني عشريْ ذي القعدة المذكور، فضاعف الله لهم الثواب والأجور، وجعل العاقبة للمتقين، والحمد لله رب العالمين.

ولم تتفق هذه النصرة لأحد من سلاطين الإسلام من أول الزمان إلى الآن فإن بلادهم لم يملكها سلطان المسلمين، وكذا بلاد رودس الملاعين، إلّا الأخير فملكها المسلمون مدة يسيرة. فإني رأيت بخط الشيخ تقي الدين المقريزي مؤرخ القاهرة أنها فُتحت على أيام معاوية بن أبي سفيان بعث إليها جنادة بن أبي أمية (٤) وكان فتحها سنة اثنين وخمسين وأقام بها المسلمون سبع سنين وأقام بها مجاهد بن جبر (٥) يُقْرئ الناس فيها القرآن وعنده نافع ابن امرأة كعب الأحدب، ومات جنادة سنة ثمانين، انتهى.

وسمعتُ أن الفرنج المخذولين ملكوها في زمن يزيد بن معاوية، فاستمرت بأيديهم إلى وقت فتح ملك زماننا لها، فالله تعالى يجعلها دار إسلام إلى يوم القيامة.

وفي المراسيم الأمر بزينة البلاد، وبنصرة وطمأنينة العباد، وتاريخها في العشرين


(١) لم نجد ذكرًا لجزيرة بهذا الاسم في منطقة بلغراد، وهو خطأ من الناسخ، ولعل الصواب "بدون" انظر كتاب الإعلام للنهروالي ص ٣١٨؛ القرماني: أخبار الدول ص ٣١٩.
(٢) كذا ورد اسم ملكهم في النص، وهو مخالف لما ورد في المصادر التاريخية الأخرى.
(٣) بالأصل: المخذولين.
(٤) هو جنادة بن أبي أمية الدوسي، سكن الشام. ابن حجر: تقريب التهذيب ص ١٤٢.
(٥) مجاهد بن جبر، إمام ثقة في التفسير والعلم، حضر فتح رودس سنة ٥٢ هـ. ابن حجر: تقريب التهذيب ص ٥٢٠.