أرسل بها الملك المظفر سليم خان بن عثمان من البحر في العام الماضي، وقدرها سبعة آلاف إردب، منها ألفا إردب لأهل المدينة الشريفة وخمسة آلاف لأهل مكة (١)، ظهر منها ألفا إردب بعد بيع نصفها وهو ألفا إردب بجدة على أركان الدولة، كلّ إردب بخمسة أشرفية جملته خمسة آلاف، وحمل النصف الثاني إلى مكة. فاجتمع بأولهما القضاة الأربعة وتفاوضوا في أمرها فقال لهم: ضبطنا أسماء المقيمين بمكة من أهلها والغرباء الأحرار إثنى عشر ألف نفس، فيعطى لكلّ واحد ستة رباع مكية وثمانية محلّقة، فتشوّش لذلك كثير من الناس، فالله تعالى يُرخّص أسعار المسلمين ويستر أحوالهم ويُغْنيهم مِن سعة فضله.
وكان المباشر لكتابة أسماء المستحقين من أهل مكة والغرباء الفقهاء والفقراء والأغنياء والمتسببين، كما أشار له الأمير مصلح الدين الرومي بأمر السيد الشريف سلطان الحجاز المنيف زين الدين أبي زهير بركات بن محمد - نصره الله تعالى وأيّده - الفقيه العدل المرتضى رضي الدين محمد ابن الشيخ نور الدين علي الحناوي الأصل المكي المالكي. وكتبَ الناسَ بحسب أغراضه فبعضهم كتب جميع ما في بيته من الأحرار والأرقاء وبعضهم اقتصر على الأحرار، وبعضهم زاد لهم أسماء على عياله وأفسد أكثر مما أصلح، وعند الله يجتمع الخصوم.
فتكلم القضاة الأربعة في الزيادة لأنفسهم فلم يوافقهم الأمير قاسم الشرواني نائب جدة، فأرسلوا عرفوا السيد الشريف زين الدين بركات سلطان الحجاز المنيف من جدة بذلك، فطلب المباشر على الصدقة رضي الدين الحناوي المذكور فتوجّه إليه في عصر يوم الإثنين. وشرع الأمير قاسم في صبح يوم الثلاثاء ثاني غيبته في التفرقة بحلقة السلطان الأشرف قايتباي عند الحناطين وحضرها الأمير قاسم
(١) هو نفس عدد الأرادب التي ذكِرتْ في بعض الوثائق التركية. انظر أوزون: أمراء مكة المكرمة ص ٢٧ هامش ١٣.