للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقاضي زين الدين المحتسب بجدة والقضاة الثلاثة خلا الشافعي، فإنه اعتذر لوجعه وأرسل مباشرا من عنده وهو الفقيه العدل المرتضى ولي الدين أبو زرعة محمد ابن الشيخ نور الدين علي المنوفي فساعد المحبي محمد بن الرضي الحناوي الماضي ذكره لغيبة والده.

وكان الحَبّ مخزونا بحواصل فيها يُقال سبعة وقيل تسعة، فتأذّى كثير من الفقهاء وبدأ بإعطاء أهل السويقة كل واحد ستة رباعي (١) حبّ وثمانية محلّقة ثم بقية الفقهاء متفرقين في حارات مكة. وبعد الفراغ منهم كتب لبقية الناس والأعيان أوصالا على عدّة عيالهم، فتوقف الأعيان في أخذها ثم قبلوها على نية التكلّم في الزيادة لهم. فتكلم القاضي مع الأمير قاسم الشرواني فأعطى كلّ واحد من القضاة - غير الشافعي - ثلاثة أرادب - كما يقال - ولبعض الأروام عدّة أرادب، وأما بقية الأعيان فلم تحصل لهم زيادة فأحاله على الكاتب الرضي الحناوي، فأجاب بحمق ومخاصمة.

وأنا ممن تكلم لنقص بعض عيالي وهم عشرة أنفس وأعطِيتُ عن ستة أنفُسٍ، وتُرك الباقي لعدم معرفة الكاتب بهم وقلة ذوقه ومروءته في إلحاقهم مع أنه كتب كثيرا من التجار والأغنياء الذين تجب عليهم الزكاة ولا يستحقون الصدقة، وقصْدُه بذلك الشهرة والنفاق، فحصل له من العامة كثير من الدعاء والشقاق، فالله تعالى لا يخطيه من ذلك، ويعين عليه كلّ قاطن وسالك.

وفي ليلة السبت سادس عشر (٢) الشهر ماتت حرير الحبشية موطوءة الشيخ شهاب الدين أحمد بن حاتم المغربي المالكي، أم ولده الشرفي يحيى، فجُهّزتْ في ليلتها وصليّ عليها عند باب الكعبة بعد صلاة صبح ثاني تاريخه، ودُفنت بالمعلاة - رحمة


(١) الربعية: جمعها رباعي: مكيال يستعمل بمصر والحجاز وبغيرهما من البلاد العربية.
(٢) بالأصل: ثامن عشر والصواب ما أثبتناه انظر التواريخ الواردة في النص قبله وبعده.