للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: بينها وبين مكة ثمانية عشر ميلًا، وحَدّ الحرم من جهتها على تسعة أميال - بتقديم المثناة - وقيل بريد، وهو اثنا عشر ميلًا.

وذكر السهيلي أنه سُمي بامرأة تلقب بالجِعرانة واسمها ريطة بنت سعد بن زيد بن تميم وقيل من قريش، وهي التي نقضت غزلها، وقال الله تعالى فيها: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ الآية (١) كما بينه الفاكهي وقال: لقبها جعرانة (٢) وكانت حمقاء.

وذكر الواقدي أن النبي أحرم من هذا المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى من الجعرانة. وأما المسجد الأدنى فبناه رجل من قريش واتخذ حائطا عنده ولم يَجُزْ رسول الله الوادي إلّا محرمًا. وكان إحرامه ليلة الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة. نقل ذلك عن الواقدي المحب الطبري قال: ومنها يحرم أهل مكة كل عام ليلة سبع عشرة من القعدة، وذلك خلاف ما ذكره الواقدي انتهى.

وما ذكره المحبي الطبري يخالف ما أدركنا (٣) عليه أهل مكة فإنهم يخرجون من مكة في اليوم السادس عشر من ذي القعدة ويقيمون اليوم السابع عشر بالجعرانة ويصلّون المغرب بها ليلة الثامن عشر ويحرمون ويتوجّهون إلى مكة، وهو يلائم ما ذكره الواقدي. إلا أن في بعض السنين يحصل للناس تخوف فيخرجون من الجعرانة محرمين من اليوم السابع عشر، وربما خرجوا منها قبل صلاة العصر. وما ذكره الواقدي في تاريخه عمرة النبي وهو المعروف. كما نقل ذلك القاضي تقي الدين


(١) سورة النحل، الآية ٩٢.
(٢) بالأصل: عشر، والإصلاح مقترح.
(٣) الكلام هنا للفاسي.