للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرشي الشافعي بعد توعكه مدة من حين قدم من المدينة الشريفة في نصف شعبان. وكان واعيًا وينطق بالشهادة إلى أن حلقت روحه وهو ببيت والديه مع صغر سنه، فإن عمره نحو الثلاثين فجهّز في يومه وصلّي عليه (١) بعد صلاة العصر عند الحجر الأسود كعادة سلفه، وشيّعه خلق من الناس ودفن بالمعلاة عند تربة بني ظهيرة القديمة، وعُملت له ربعة بالمعلاة وخُتم بها، وذُكر بخير، وخلّف ولديه وزوجة، رحمه الله تعالى وعوضهم خيرًا.

وفي يوم الثلاثاء سابع عشر الشهر وصل لمكة شاووش رومي صحبته شيخ الدلالين بجدة جعفر الرومي، وكان وصولهم من القاهرة بحرًا ودخلوا لجدة وتوجّهوا لفريق الشريف وأعطوه مراسيم بالقبض على نائبها والي جلبي الرومي ووضعه في الحديد وضبط مخلّفه والإرسال (٢) به بحرًا بعد الاحتفاظ عليه مع القبض على جماعته وأركان دولته.

فتوجّه لجدة الشريف عرار بن عجل بجماعته من القواد عبيد الشريف أبي نمي في يوم تاريخه أو قبله بيوم، وأروه المرسوم بعزله والقبض عليه فقال له: معي مرسوم أني إذا عُزلت أكون ناظرًا على العمائر الخنكارية بمكة المشرفة. وكان قلبه حاسًا (٣) بالشر فما أمْهل وجاؤوه بزنجير وباشة (٤) ووضعوها في رقبته فضاقت عليه لغلظها فوُسعت له وأرادوا النزول به من منزله إلى فرضة الشريف فسألهم في المكث به في محله إلى الليل حتى لا يراه أهل البلد فترك في محله، وقبض على خمسة أنفس من جماعته كمباشريه محمد بن يونس المصري والجمالي محمد ابن الشيخ محيي الدين


(١) سقط الجار والمجرور من الأصل.
(٢) بالأصل: والإرساله.
(٣) بالأصل: حاس.
(٤) كذا بالأصل "باشة" ولعلها نوع من آلات الحبس والتعذيب، والزنجير: الجنزير وهو السلسلة من المعدن.