للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي بقية النهار تتابع الحاج وكانت العرضة في صبح يوم الجمعة ثاني الشهر وأمير الحاج والمحمل الزيني مصطفى الرومي كاشف الغربية. فواجهه صاحب مكة السيد أبو نمي بعسكره من المختلع، فأخلع عليه وعلى ولده المراهق السيد أحمد وقاضي القضاة الشافعي المحبي بن ظهيرة وقاضي المحمل الشيخ شمس الدين الرشيدي. وكانت ولايته من الروم، ونزل أمير الحاج بمكة في المدرسة الأشرفية ووطاقه بالمعلاة عند الدرب ورافقه المحمل إلى المدرسة بالمسعى ثم توجّه من سوق الليل إلى المعلاة مع بقية يَرَقِه من الخيل الملبّسة وغير ذلك. وابتهج الناس برؤيتها لحسنها وكثرة الخلق فيها.

وفي يوم السبت ثالث الشهر اجتمع القضاة الثلاثة الشافعي والحنفي والمالكي وأمين المبرّة الرومية واسمه مصطفى واليازجي مصطفى وهما ساكنان في المدرسة الكلبرجية جوار باب الصفا، وشرعوا في تفْرقتها بعد إذن صاحب مكة فيها، ففُرقت ذهبًا خالصًا كاملًا في الوزن سكة الباشا إبراهيم على قائمة نائب جدة والي جلبي. وأعطِي لكل شخص جميع مقبوضه وتضاعف دعاؤهم لمرسلها هناك. فالله تعالى ينصره ويديم أيامه السارة، ويجعل النفوس في دولته قارّة. واستمرت تفرقتها ثلاثة أيام وأخّر سكان الأربطة إلى بعد الحج.

وفي يوم الأحد ثاني تاريخه اجتمع في الحطيم صاحب مكة وأمير الحاج ونائب جدة والقاضيان الشافعي والمالكي وخلق من العسكر والعامة، وقُرئت عدة مراسيم نحو العشرة قرأ غالبها في الأرض مباشر أمير الحاج بدر الدين الجزيري (١) الحنبلي وبعضها على كرسي قرأ الشرفي قاسم بن محمد ابن العدل المكي على عادته، منها مراسيم لصاحب [مكة] (٢) مضمونها الوصية بالحاج وأميره وغير ذلك


(١) ورد العلم بالأصل "الجزيلي" وقد أصلحه أحد قراء المخطوط بالهامش بما نصه "صوابه الجزيري".
(٢) كلمة سقطت من الأصل.