إعطاء النقد، فأعطى ثاني تاريخه كلّ واحد من القضاة الثلاثة، عشرة أشرفية وزاد أئمة الشافعية الستة إردبين وأئمة الحنفية مثلهم وأئمة المالكية وإماما الحنابلة إردبًا واحدًا وفاتح الكعبة الشريفة وجماعته وخدام الدرجة والمؤذنون والفراشون والوقادون عدة أرادب - لا أعلمُ عدّتها - وبقية الفقهاء وطلبة العلم والصوفية حرموا وصار ذلك أسوتهم بالسوقة وأسافل الناس، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
وفي يوم الأحد رابع عشريْ الشهر وصلتْ إلى مكة المشرّفَة قافلة المدينة الشريفة وأخبروا أنها رخية.
وفي يوم الإثنين ثاني تاريخه سافر نائب جدة إليها، ووصل إلى مكة الخبر أنّ السيد الشريف زين الدين بركات ولّى وزارة جدة للجمالي محمد بن راجح بن شميلة الحفيصي ورد له وظائفه التي كانتْ له بها، مع أن الناس يشكون منه تحكير القوت من الحب وغيره، لكنه له خبرة بخدمة أهل الدولة والمباشرة والميل إلى الصوفية وحسب الفقراء وقضاء حوائجهم والنقمة على الأغنياء كما أشيع عنه ذلك.
وفي ثاني تاريخه أشيع بمكة أن الخواجا الأجلي المحترمي التاجي تاج الدين الجوكقدار اللّاري أمين الصدقة اللاك (١) الواصلة من عند ملك الهند الملك المظفر شاه ابن السلطان محمود شاه الكجراتي، قسم الصدقة المذكورة على حكم سنة واحدة وأصلها خمسمائة قطعة لأهل مكة والمدينة بالسوية بينهما، وذلك عن معلوم سنتين ونصف أولها سنة تسع عشرة وتسعمائة (٩١٩ هـ) فقال للمستحقين: إن معلوم نصف سنة وهو مائة قطعة أصرفها في الطريق وكان توّه في بندر عدن. وأخذ السيد الشريف بركات زعيم الحجاز المنيف ثلثها على العادة القديمة، والباقي سُرق لتفريط زين الدين عليها بوضعه لها في أحواش جدة التي بالساحل، وقال بعض الفضلاء في معنى ذلك وشكوْه إلى السلطان مظفر شاه.
(١) اللاك: استعمال فارسي وهندي للدلالة على مائة ألف، وقد يستعمل لما هو أكثر.