للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاتفاق بينهما أن خطبة يوم السابع للعراقي ويوم عرفة للخطيب عبد الرحمن وهو يوم جمعته، وكانت عادة (١) الخطباء المتقدمون تسقط يوم عن صاحبها لكونها لا تصلى فيها جمعة وهي تابعة لصاحبها. وجهل العراقي بمواكب لأعياد مستقلة غير الجمعة وأظهر بذلك مستندًا بخط الولوي أبي زرعة المنوفي وعليه خط القاضي محيي الدين ابن ظهيرة الشافعي، وأظهروا الإنكار على الخطيب عبد الرحمن في تقدمه لخطبة هذه الجمعة، وصار هو يحلف ويبكي ويقول: إن بيدي كُتُبًا لم يقع فيها اتفاق، والله أعلم بحقيقة الحال. ثم قام من المجلس وهو مقهور مكسور الخاطر وهو يدعو إلى الله تعالى بإراحته من هذه الدنيا والانتقام من أخصامه. فقدّر الله تعالى أنه أقام جمعة ثم تحرك ريح القولنج عليه في أول الجمعة الثانية وانقطع بمنزله يومًا واحدًا ثم قضى نحبه في آخر اليوم الثاني يوم الأحد خامس عشري الشهر. فجهّز في ليلته وصلّي عليه في صبحه عند باب الكعبة بعد النداء له على زمزم كعادة الأكابر. وشيّعه خلق من الأعيان وغيرهم منهم السيد أبو نمي وركب في أثناء الطريق وجلس عند قبره حتى دفن على قبر أجداده بتربة سلفه. وحزن الناس عليه كثيرًا.

وخلّف بنتًا وذكرين أكبرهما عمره تسع عشرة سنة ومنع من مباشرة الخطابة لمعارضة قاضي الشافعية له، وكاتَبَ فيها لنفسه ولم تحصل له، وعيّن صاحب مكة إمام الشافعية خير الدين أبا الخير محمد ابن الإمام أبي السعادات الطبري فيها حتى يأتي جوابه من الأبواب الخنكارية. فكان قدرة الله تعالى أنه كان في بلاد الروم الزيني عبد الحق ابن الإمام أبي الخير الطبري فسعى فيها لوالده فجاءته المراسيم باسمه في آخر السنة التي بعدها ومات ولده (٢) فيها وباشرها سنة بالنيابة وسنة بالأصالة ولم تحصل لقاضي الشافعية لكونه سعى في إخراجها من بيت النويري (٣).


(١) بالأصل: العادة.
(٢) كذا بالأصل، ولعل صوابها: والده.
(٣) بهذا ينتهي القسم الأول من الكتاب. ويبدأ القسم الثاني منه بأخبار مكّة من بداية سنة ٩٣٦ هـ.