للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، [والله أعلم ببواطن الأمور] (١).

ثم في ليلة الجمعة سلخ شعبان اتفق بمكة اتفاقية عجيبة وواقعة غريبة ينبغي تسطيرها، هي أنه في وقت التخفيف وهو الأذان الثاني عند طلوع الفجر سمع السيد الشريف علاء الدين الملقب ملك التجار الحسيني السراري - أعزّه الله وكفاه شر الأعادي - وهو في الطواف على عادته في ذلك الوقت حسَّ صياحٍ في منزله المجاور لباب العمرة، أحد أبواب المسجد الحرام في الجهة الشمالية، المعروف قديمًا بالمدرسة المنصورية وحديثًا بإنشاء المقر البدري محمد بن مزهر كاتب الأسرار الشريفة بالقاهرة كان. فتوجّه إلى جهته ولاقاه بعض خدمه وأخبره أن زوجته … (٢) حليمة الهندية، انتقلت بالوفاة إلى رب البرية، من غير مرض سابق.

فعجب من ذلك وتوجّه مسرعًا إلى منزله هنا فهاله الأمر وسأل خدمه عن خبرها فأنكروا عليها الحال وأغلظ عليهم في المقال، ثم ألان لهم الكلام، ووعد قاتلها بالعتق والإكرام، حتى قال له ثلاث جوارِ من الزنوج، خدام المطبخ العلوج: نحن قتلناها لشدتها علينا، وأمرتنا بقتلك وإلّا قتلتنا. فطيب خاطرهم وحسّن فعلهم. ثم إنه شرع في جهازها وأظهر الجزع والحزن عليها، والندم على ما فُعِل فيها، وصار يقول إنه فتن في دينه ودنياه، ولم يصرح لأحد بما قدّره الله تعالى عليه وقضاه.

وهرع الناس للسلام عليه وهم متعجبون من حرقته وما نُسب من القول إليه ثم إنه باشر غسلها بنفسه مع أخته وولده ومن يثق به خوفًا من ظهور أمرها وكتمان حاله وحالها. وعمل لها ستارة من الثياب البيض على جنازتها وصلّى هو عليها قبل ظهر الجمعة بساعة وشيّعها خلق من الأعيان ودفنت في تربته المستجدة التي بالشعب الأقصى من المعلاة عند قبر السيدة الكبرى خديجة بنت


(١) ما بين عاقفتين بخط قطب الدين النهروالي.
(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل.