ووصل مع القاصد عدة مطالعات للناس فيها جملة أخبار، منها أن قاضي مكة الحنفي بديع الزمان محمد ابن الضياء العمري انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى ببلد يقال لها تبليس - على وزن إبليس - في جهة العجم بينها وبين تبريز سبعة أيام، وكذلك بين قرى آمد أول مملكة العرب. وكان توجّه إلى الخنكار لأجل طلب وظائفه والسعي في مقاصده منها قضاء مكة وجدة ونظر المسجد الحرام وود وغير ذلك بل أشيع فيها أنه ولي قضاء العسكر في جميع وظائف مكة، ولم يتحقق من ذلك إلّا موته في صفر فنعي عليه أهله وحزنت عليه أمه وأولاده وعُملت له ربعة بالمسجد الحرام صباحا ومساء وخُتم له يوم ثالث الشهر وصلّي عليه في ظهر الجمعة خامس الشهر، رحمه الله تعالى وإيانا.
وفي ثاني شهر رجب المذكور شرع الوزير آصف خان الهندي في قراءة صحيح البخاري في منزله وحضره جماعة من الملل وبعض فضلاء أهل مكة من الأصاغر ممن يترجى بره وطلب مني عارية بعض الشروح على صحيح البخاري منها فتح الباري وأرسلتها له مع أخي فلازم حضوره.
وفي ثاني الشهر أمر بقراءة سورة الأنعام والدعاء لسلطانه بهادر شاه بالمسجد الحرام في كل صباح خلف مقام الحنفية. وقرر في ذلك نحو خمسين نفرًا من العرب والعجم - وأنا منهم - وشيخهم السيد محمد بن أحمد البخاري. فما هان ذلك على قاضي الشافعية الزيني عبد اللطيف باكثير لكون الوزير ما استنابه ولا شاركه في فعل ذلك وهو ناظر المسجد الحرام. فكاتب نائب جدة في إبطالها ويقال إن قرابة المغْل ضدّ سلطان الهند أرضوه بمال في منعهم.
فباشر الجماعة القراءة نحو جمعة حتى وصل الخبر لنائب جدة على ما يُقال بالصرف على المستحقين لقراءة سورة الأنعام للسلطان سليمان خان صاحب الروم عن شهر الجمادين وأنهم يبطلون القراءة للخنكار لتحقيق نصرته على العجم