باردًا (١) ورفقائه من المسلمين، وصار ذلك ثلمة في الدين.
فأمره الوزير بكتم ذلك فلم يكتم وصار أهل مكة في هرج ومرج وبعضهم يصدق ذلك وبعضهم يكذبه حتى وصل سليمان الرومي نائب جدة في ليلة الثلاثاء ثالث عشر الشهر وذهبوا في صباحه لتعزية الوزير، فانتشر الخبر وأشيع أن النائب قصده الختم على تعلّق السلطان بهادر شاه في حواصلها، فامتنع وزيره من فعل ذلك.
وفي ضحى يوم الأربعاء رابع عشر الشهر طلب نائب جدة القضاة الأربعة الحنفي والمالكي والحنبلي وأخو القاضي الشافعي لغيبته بجدة وتوجّه إلى منزل الوزير آصف خان وتكلم معه في الختم على حواصل مال السلطان بهادر شاه، ويترك جماعة من الأروام يحرسونها حتى يصل خبر الخنكار سليمان خان ابن عثمان إليهم فيها.
فامتنع من ذلك ويقال إنه أغلظ له في المقال فقال له الوزير: خذ المال عندك ولا يجلس أحد من الأروام عند عيال السلطان بهادر شاه. ففرح بذلك النائب وأتى بجمال لحمله إلى سكنه في القصر علو باب إبراهيم. وعدة الصناديق مائتان وخمسون وهي في الأصل أزيَد. وقال الوزير إنه تصرف فيها بإذن السلطان من النفقة على عياله وعسكره والمرتبات لأهل الحرمين والهدايا للخنكار ونائب الديار المصرية من الصناديق مائة، وفي كل واحد منها ضبط ما فيه من النقد وغيره في ورقة. وكتب بذلك محضرًا كتب القضاة خطوطهم فيه وأخذه الوزير عنده.
ونعى عيال السلطان بهادر عليه حينئذ وصار خبر موته عبرة، وعلى المساكين حسرة. ويقال إن نائب جدة لما نقل المال إلى منزله قبض الصناديق جميعها فجاء وزنها مائة وخمسة وعشرين قنطارًا، وأنه فتح بعضها فوجد فيها بعض سكة قديمة