للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحوجب (١)، وختم المقرّبون بعد ذلك وانفضّ الحاضرون، جعل الله ذلك مباركا ميمونا على كلّ من الزوجين وأهلهما.

وفي ليلة الثلاثاء سلخ الشهر ثاني تاريخه عُمِل شراع (٢) للنوري علي ابن الخواجا محمد سلطان في الفازة التي نُصبتْ في حوش الزوجة بمنزل جدّها، وهي عظيمة لما اشتملت عليه من السعة والعقود وهي إثنى عشر عقدًا في كل جهة ثلاثة ملبّسة بالحرير والبشخانات (٣) نحو العشرة. حضر ذلك جماعة قاضي القضاة الشافعي، ولم يحضر هو، مع خلق من الأعاجم التجار وغيرهم من غالب الفقهاء والحاكميْن مبارك بن بدر وعلي الجنيدب، ولم يُلْصِقْ أحد في المجلس، ووقع في المجلس كلام بين الوالي علي الجنيدب ورجال أهل مكة لكونه رقص في المجلس ولم يصفّقوا له، فسبهم لذلك وعرّض بكلمات لهم، فأسْمَعوه كلاما مكروها وأرادوا الخروج من المجلس فردّهم الحاكم مبارك بن بدر. فلما رأى ذلك الوالي خرج بنفسه (٤) إلى الزقاق ثمّ لام نفسه على فعل ذلك وعاد إلى المجلس وهو مغيّر الطباع، فلا حول ولا قوة إلّا بالله.

وأنشد في المجلس قصيدان (٥) أحدهما للجمالي محمد بن حصير المشيد وثانيهما للشهابي أحمد المحوجب الشاعر وكلاهما ليسا بجَيّديْن. واستمرّ اللعب إلى الصباح، ثمّ زَفّ العريس من بيته إلى الفازة ابن خالته، ثم نُصّتْ العروس


(١) ممن يحضر الأفراح والمناسبات للغناء في القاهرة، اختاره الغوري المملوكي ضمن جماعة من المغنيين يسمون " مغاني الدكة"، ابن إياس: بدائع الزهور ٥: ٤٣،٣٥.
(٢) الشراع من احتفالات الأعراس، وأهل مكة يسمّونها الآن "التشريعة".
(٣) البشخانة: لعلها مجالس خاصة بالمدعوين الممتازين في حفلات الأفراح، حسب ما يفهم من النص. وفي نصوص أخرى استعمل لفظ البشخانة للدلالة على الفراش أو المجلس الذي يكون حوله رقيق مانع من البعوض انظر DOZY ١: ٨٨.
(٤) كلمة تكررت بالأصل.
(٥) بالأصل: قصيدتين.