للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى جهة الشرق على نية محاربة عرب سبيع وشيخهم الرويبي، وأخفى طلبه لذلك، فأُنذر خصمه به فقرّ منه ولم يلحقه، فقُدر أنه وقع على الشريف في ليلة ثالث الشهر مطر قوي بثلج كبار فقرّر بعض خيله من ذلك حتى وجدهم مفرقين.

واستعمل من الثلج أخوه الشريف أبو القاسم ابن السيد بركات فمرض بالحمى وكُتِم باطنه نحو جمعة ثم قضى نحْبه في عصر يوم الخميس حادي عشر الشهر. فجهّزه شقيقه على راحلة له وأرسل معه ولده السيد أحمد والشريف عرار ابن عجل وغيره من الأشراف والقواد، فجدّوا به في السير مسافة خمسة أيام في يوم وليلة وصلوا به إلى مكة في عشاء ليلة السبت ثالث عشر الشهر ودخلوا به إلى منزله وجهّز فيه وصلّي عليه عند باب الكعبة في صبح تاريخه، وشيّعه القضاة والأعيان وغيرهم، ودفن في قبة أبيه الجديدة من جهة القبلة ومن الجانب الآخر أخوه ثقبة.

وعُملتْ له ربعة في المسجد الحرام والمعلاة ثلاثة أيام وخُتم له في صبيحة رابعها يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر، وأنْشِدتْ (١) فيه عدة مراتٍ، ونعى عليه النساء في المعلاة أياما، ووصل الأشراف من البر للعزاء به، رحمه الله تعالى وإيانا وجميع المسلمين.

وخلف ستة أولاد من الذكور والإناث وعوضه في شبابه الجنة - وأظهر الحزن عليه أخوه السيد أبو نمي فتوجّه من غيطه بحرا (٢) بخيله ورواحله إلى جهة عرب مطير وبني حرب بن علي وشيخ أولهما جغيمان والثاني سعي (٣) فكبس فريقهم وأخذهم بغتة فكسب مالهم من الخيل والإبل والغنم شيئًا كثيرًا. فمن الخيل يقال نحو المائة ومن الإبل والغنم بالآلاف. ثم إن شيخ بني حرب أظهر له الصلح


(١) بالأصل: وأنشد.
(٢) وردت بالأصل: بحرا. وهي قرية "بحرة" التي تقع في واد خصيب بين مكة وجدة، البلادي: معجم معالم الحجاز ٢: ١٨٣ - ١٨٤.
(٣) كذا ورد الاسم بالأصل.