للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سرعة سفر الباشا من سعد صاحب مكة. وقد حبسه عن دخولها حابس الفيل، والله الحمد.

ثم أخبرني بعض جماعة الشريف صاحب مكة أنه لم يعط الباشا شيئًا من النقد وأنه باع هديته من الكباش والسمن والعسل والفاكهة في بندر جدة بأحسن الأثمان وربح فيها أكثر من شرائها لغلو الأسعار بها.

وأما مكة فطلع السعر بها أيضًا حتى بيعت الكيلة الحب بكبير وعثماني تستقيم (١) الإردب - وهو نصف غرارة - بخمسة عشر أشرفيًا والمنّ السمن بستين كبيرًا كل رطل بكبيريْن والعسل عشرة أرطال بخمسة وعشرين كبيرًا واللحم رطل وربع بكبير، وكثُر بعد سفر الباشا حتى بلغ كل ثلاثة أرطال بكبير، وتواترت الفواكه من الحجاز كالخوخ والعنب والتوت. وابتهج الغرباء بها لكثرة فلوسهم وتضَيّق أهل البلد لقلة وجود الدراهم وغلو الأقوات. والأمر الله تعالى.

ثم إن الشريف أبا نمي صاحب مكة دخل الجدة وأقام في الفرضة وهرع الأعيان للسلام عليه ثم إنه عزل رأس المباشرين بها الجمالي الظفاري وولى عوضه الشرفي يحيى بن سبيع بن راجح الحفيصي (٢) لوعده له مشاركة الجمالي محمد بن أحمد المريسي ليطلع (٣) على حاله. وكان خدمَهُ في موسم الحاج بمبلغ خمسة آلاف أشر في فتركه إلى الآن حسيبها (٤). وكان فعل ذلك عند توجّهه لجهة الشرق فغاب فيه مدة أيام ثم عاد إلى جدة.

وفي آخر ليلة الخميس ثامن عشر الشهر مات الشيخ العلامة بقية السلف الصالح أبو الحسن علي بن عمر الطواشي فجهّز في يومه وصلّي عليه بعد صلاة


(١) كذا بالأصل.
(٢) كان جدّه راجح مباشر جدة أيضًا. انظر أخباره في إتحاف الورى للنجم بن فهد ٤: ٤٠٣ وما بعدها.
(٣) كلمة تكررت بالأصل.
(٤) كذا بالأصل، ولعل الصواب: على حسبتها.