للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظهر بُغْضه مع الصديق وأنّ الأئمة الأربعة على ضلال لاختلافهم في الفروع، وأنّ مذهب الشيعة وما ورد عنه في أنّ أمته تفترق ثلاثًا وسبعين فرقة واحدة منها الناجية وهم الشيعة، قبّحهم الله تعالى وقبّحه.

فأنكر كثير من الأعاجم عليه قوله وتوجّهوا به إلى منزل القاضي الرومي الأفندي مصلح الدين مصطفى الحنفي وادعوا عليه فيما ذكره فأنكر قوله الأول وقال: إنما قلتُ إن قوله تعالى: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾ (١) يعني النساء في الصوم نزلت في عمر. فشهد عليه جماعة نحو العشرة بقوله الأول فاعترف به وقال له: القاضي: أبك جنون؟ فقال: لا، هذا مذهبي وهو مذهب الشيعة. فأمر القاضي بسجنه وطلب من القائد محمد بن عقبة نائب الحاكم مرشد بالتوجّه به إلى السجن. فكثر كلام العامة من الأعاجم والأروام وبعض أهل مكة وقالوا للقاضي: تطلب تأخذ الرشوة منه كما أخذتَها من الرافضي الأول وتطلقه. وكثر الصياح والعياط على باب القاضي بالمدرسة العينية المعروفة قديمًا بالمجاهدية جوار المسجد وقت صلاة المغرب، فخرج به القائد محمد بن عقبة على باب القاضي فتهدده العامة بالرجم فتركه وفرّ ناجيًا بنفسه ودخل المسجد الحرام، فسطا بعض الأروام وضرب العجمي بخنجر على رقبته وآخر بسكين فسقط إلى الأرض فرجمه العامة قريبًا من باب القاضي. فأغلق القاضي بابه وحمى نفسه منهم وأطلق العامة النار على المقتول وأحرقوه وصارت النار تشتعل جانبًا من الليل. فلمّا تخلى الناس وهدأ الرجل يقال إن قاضي المالكية التاجي بن يعقوب المفصول أمر القائد بحمله وتكفينه ودفنه بالشبيكة، فأطفأ النار وحمله إلى الشبيكة ودفنه بها. فحمد العقلاء هذا الفعل مع الإنكار على العامة فيما تجرؤوا به على قتله على باب قاضي الشرع. فالله تعالى يصلح الأحوال ويجعل العاقبة إلى خير.


(١) سورة البقرة: الآية رقم ١٨٧.