للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملسوس (١) من عرب الحجاز لكونه اتفق له معهم جرأة من بعضهم لكون شخص من بني مطير نهب له بعض حوائجه فأرصد له من يُنَبّه بمجيئه وقت عوده لسرقته، فرماه بنشاب -وقيل ببندق من النفط- فأصابته حتى وقع إلى الأرض ومات، فقطع أطرافه وعلّقه على شجرة ليرتدع بذلك أمثاله. فتشوش منه عرب المقتول وطلبوا الأخذ بثأره، فحمي لنفسه مع عصبة أهل الطائف معه منهم شيخ ثقيف العفيف عبد الله بن محمد النعر (٢). ويقال إن أخاه الذي بمكة مولانا أبا القاسم الغباري طلب من جماعة الشريف بعض القواسة للتوجّه إليه بالحراسة، فعاد معهم لمكة سالمًا.

فوجد أحمالًا له وصلت من بحر الطور الجدة فيها أرز ودقيق وقطر وسكر وغير ذلك مما طلبه من نائب مصر داود باشا الرومي لإرساله إليه بدراهم يُقال عدتها سبعمائة ذهب سلطاني عنها نحو ثلاثة آلاف أشرفي. فأرسل له بمائة وعشرين حملًا وردّ بعض النقد إليه فتصدى لخروجها من البحر وإرسالها بمكة من غير عشور نائب جدة عبد الودود الرومي. فابتهج صاحبها بوصول ذلك لشدة الغلاء بمكة في جميع الأقوات. فتفضّل على جماعة ممن يتردد إليه بإنعامه عليه لكل واحد بفردة (٣) من الدقيق، فنصر بذلك كل صديق ورفيق، وكنتُ ممن تفضل بذلك عليه، وأسدى الخيرات لديه، جزاه الله عني وعن المسلمين كل خير ودفع عنه السوء والضير.

وكان تحجّب عند وصوله من الناس وذلك لضعف بدنه وشدة الوسواس في الطهارة، عافاه الله منه.

وفي فجر يوم الجمعة رابع عشر الشهر وصل لمكة نائب جدة عبد المجيد بن


(١) كذا بالأصل، ولعلها كلمة كانت تستعمل للدلالة على أن القاضي كان تحمل إذاية من الأعْراب.
(لسس = ملسوس).
(٢) كذا بالأصل.
(٣) وعاء من الخوص يوضع فيه الأرز وغيره.