وفي هذه الجمعة كثر الفقراء الأطفال الكبار والصغار بوصولهم لمكة من البراري لشدة جوعهم وغلاء القوت، فصاروا يُلحّون في السؤال في المسجد الحرام والسوق وأزقّة البلد، بل سمعتُ أنّ بعضهم مات جوعا، فقيّض الله لهم الشيخ العلامة الزاهد شهاب الدين أحمد بن محمد النشيلي المكي الشافعي، نفع الله به، وكتبَ قائمة لجماعة من التجار يسألهم في إعانتهم بما فرضَه الله عليهم من الزكاة، فسمحوا له بمبلغ نحو خمسين دينارا مفرّقا من جماعة، وأعطاه قاضي الروم الإمام القدوة المنقطع إلى الله تعالى مصطفى بن. . . . (١) بمبلغ أربعين دينارا، فوضع الجميع عند الشيخ العالم المبارك شهاب الدين أحمد بن يوسف الزبيدي الشافعي نزيل رباط الخواجا شمس الدين بن الزمن ليعمل لهم في كلّ يوم شوربة أرز بلحم كما كان يفعله مع شوربة الخواجا عبد القادر القاري في الأشهر الثلاثة المتقدم ذكرها فشرع في عمل ذلك في يوم الأحد عاشر الشهر، وصار يشتري لهم لحما بدينار ومُدّا ونصف أرز بأربعة دنانير، وديناريْن تكملة سبعة لقيمة الماء والحطب وأجرة طبّاخ وغير ذلك، وفي بعض الأيام يعمل لهم خبزا وغير ذلك من الأطعمة، واجتمع على ذلك نحو خمسمائة طفل من الفقراء، فالله تعالى يتقبّل فعل ذلك ويجزي المحسنين خيرا.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشر الشهر وصل جماعة من المغاربة الفقراء على درب الماشي من المدينة الشريفة وأخبروا بموت الخازندار بشير الساقي الخصي كان، بعد توعّكه ثمانية أيام في آخر شوال.
وفي يوم السبت سادس عشر الشهر حصل بمكة مطر يسير وحواليها مطر غزير فسال وادي عرفة وملأ برَكَ جميع الحاج التي بها، فتمّ بذلك غاية السرور.
وفي ليلة الأحد سابع عشر الشهر دخل الخواجا إبراهيم ابن الخواجا أحمد بن