للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رافضي يسكر ويتعاطى ما لا يليق، وأنا أعرفه وهو تاجر يحزم القماش. فصاروا يسألونه العفو، ثمّ ذهبوا من عنده وأخبروا نائب جدة بالمجلس فركب وأخذ (١) معه نحو مائتيْ روميّ وعبيد له، وتوجّه إلى منزل الشريف ونزل خارج بابه ووقف غالب جماعته هناك ودخل معه بعضهم وأظهر توعّكه فتعكّر عليه، فلما وصل إلى عند الشريف قام له قليلا وقال له القاضي الشافعي: الأمير متوعّك! فقال الشريف: إنّ الله يحبس الفراعنة، فسأله نائب جدة عن معنى ذلك فقال له الشريف: قصْدي أنتَ، فعاتَبَه على أفعاله معه، وأغلظ له في القول وأمره بالقيام من عنده فقام وهو متغيّر اللون ولم يُبْدِ جوابًا قاله. فالله تعالى يُصْلح أحوال المسلمين، بجاه سيّد المرسلين.

وفي ضحى يوم تاريخه وصل إلى مكة جماعة من مشائخ عرَب العائد (٢) وغيرهم مفارقين للحاج وتتابع بقيّتُهم في آخر النهار، ودخل أميرهم القاضي بركات بن موسى المحتسب بالقاهرة وطوّفه فضيل ابن القاضي زين الدين عبد الباسط بن ظهيرة، وكان وصل صُحْبَته من القاهرة. فلما فرغ سعّاه ماشيا الإمام إسماعيل الطبري الشافعي، وكان لاقاه من ينبع، وبعد الفراغ عاد إلى الزاهر كعادة أمراء الحاج، فبات به إلى الصباح، فتوجّه له زعيم الحجاز السيد بركات بن محمد وولده أمير مكة المشرّفة الشريف أبو (٣) نميّ وعسكرهما من بني حسن والأتراك والأعراب خيولًا ومشاة، فلاقوه هناك فخلع على الشريف خلعة قفطان وعلى ولده خلعة وعصابة على العمامة المدوّرة كعادة أهل مكة، وألْبَسَ كلّا من نائب جدة وولده وقاضي القضاة الشافعي والشريف عرار بن عجل وشاه بندر


(١) بالأصل: وأخذه.
(٢) عرب العائد: انظر عنهم الجزيري: الدرر الفرائد ص ١٣١٣.
(٣) بالأصل: أبي.