ووقع مثل هذه الحادثة فى حرق المسجد الشريف سنة إحدى وخمسين وستمائة، فى أواخر دولة أيبك التركمانى.
وفى هذا الشهر وصل قاصد يعقوب بن حسن الطويل، وعلى يده مكاتبة من عند يعقوب، وهو يعتذر فيها مما وقع من باينذر، وأن ذلك لم يكن يعلمه، فعتب السلطان القاصد بسبب ما وقع من باينذر، وسرعة قتله للأمير يشبك، ثم أضاف القاصد، وأخلع عليه، وأذن له بالسفر. - وفيه نزل السلطان إلى قبّة الأمير يشبك الدوادار التى فى رأس دور الحسينية، فكشف عليها ورسم للأمير تغرى بردى الأستادار بأن يكمل عمارتها، فإن الأمير يشبك مات ولم يتمّ بنائها.
فلما رجع السلطان شقّ من القاهرة، فقام إليه الناس قاطبة وضجّوا له بسبب الفلوس الجدد وغلوّ البضائع، فلما طلع إلى القلعة رسم بعقد مجلس بالمدرسة الصالحية، فاجتمع القضاة الأربعة وكاتب السرّ وناظر الخاص العلاى بن الصابونى والمحتسب، ثم أخذوا يتكلمون (١) فى أمر الفلوس، وكان ناظر الخاص ضرب فلوسا جددا عليها اسم السلطان، وقصد أن يخرجها بأغلى من الفلوس العتق، فلما تكلموا فى أمر الفلوس العتق أخذ ناظر الخاص يعارض فى ذلك لأجل غرضه؛ فلما سمع العوام بذلك ثاروا عليه فى وسط المدرسة الصالحية ورجموه، ولولا كاتب السرّ كانوا قتلوه، فلما طال المجلس فى ذلك اتّفق الحال على أن تكون الفلوس كلها العتق والجدد بالميزان، بستة وثلاثين الرطل، فنادوا فى القاهرة بذلك، فسكن الأمر قليلا.
وفى شوال كان موكب العيد حافلا، ورسم السلطان للجمجمة بن عثمان بأن يلبس الشاش والقماش، ويطلع يصلّى مع السلطان صلاة العيد، فطلع وصلّى وحضر الموكب، وأخلع عليه السلطان مثمرا وفوقانى بطرز عريض، ونزل مع الأمراء المقدمين وهو بالشاش والقماش. - وفيه أخلع السلطان على بيبرس الرجبى قريبه، وقرّره فى شادّية الشراب خاناه، عوضا عن ألماس بحكم انتقاله إلى نيابة صفد. -