للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنهم لا يدخلون الحمّام، إلا وفى أعناقهم صلبان خشب، قدر قرمة كبيرة، وأشرطوا عليهم أشياء كثيرة من هذا النمط.

وفى هذه السنة، أخلع السلطان على الأمير أرغون الكاملى، وقرّره فى نيابة حلب، عوضا عن بيبغا أروس، الذى قتل؛ فلما خرج الأمير أرغون الكاملى إلى حلب، ودخل إليها، وردت عليه الأخبار أنّ قراجا بك بن ذو الغادر، أمير التركمان، قد عصى، وخرج عن الطاعة، وأظهر العصيان على نائب حلب.

فلما تحقّق نائب حلب ذلك، جمع عساكر حلب، وخرج إليه، واتّقع معه، فانكسر قراجا بك، وهرب منه إلى أطراف بلاد الروم؛ فلا زال نائب حلب يتبعه، حتى قبض عليه، وقيّده، وأرسله إلى السلطان، فلما مثل بين يديه، وبّخه بالكلام؛ ثم أمر بتسميره، فسمّر وطافوا به القاهرة، وهو مسمّر على جمل؛ ثم أتوا به إلى الرملة، فوسّطوه عند سوق الخيل، وكان ذنبه أنّه التفّ على بيبغا أروس، نائب حلب، لما خامر على السلطان، وأظهر العصيان، وصار ينهب ضياع حلب، وفتك فتكا ذريعا.

[ثم دخلت سنة خمس وخمسين وسبعمائة]

فيها وقع من الحوادث: أنّ فى ثانى شوّال، وثب جماعة من الأمراء المقدّمين على السلطان، ولبسوا آلة الحرب، وطلعوا إلى الرملة؛ وكان الأمير طاز قد توجّه إلى البحيرة، بسبب فساد العربان، فاغتنموا الأمراء هذه الفرصة، ووثبوا على السلطان؛ وكان رأس هذه الفتنة الأمير شيخوا العمرى، وجماعة من الأمراء.

فلما طلعوا إلى الرملة، هجموا على باب السلسلة، وملكوه، ثم طلعوا إلى الحوش، ثم إنّهم هجموا على الملك الصالح، وهو بالدهيشة، وقبضوا عليه، وسجنوه بدور الحرم، ووكّلوا به جماعة من الخدّام، وخلعوه من السلطنة فى يومه، وزال ملكه، كأنّه لم يكن، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغيّر.

فكانت مدّة سلطنته بالديار المصرية، ثلاث سنين وثلاثة أشهر وأربعة عشر يوما؛ وكان ملكا جليلا، كفوا للسلطنة، وكانت أيامه كلها عدل بين الرعيّة، وكان